261
اسباب اختلاف الحديث

ومحبوبية القيام على قبور المؤمنين والصلاة على جنائزهم ۱ . والآية الكريمة نزلت في آخر حياة النبي صلى الله عليه و آله .

ويؤيّده أيضا الروايات المرخِّصة أو الحاكية لبكاء النبي صلى الله عليه و آله عند موت ولده إبراهيم .
مع صدور الأحاديث الناهية في أوائل هجرته صلى الله عليه و آله إلى المدينة ؛ لتعالج معضلة النياحة المشوبة برسومات الشرك ورسوبات الكفر والضلال .

سرّ تحريم زيارة القبور ونسخها

لا ريب في اشتمال الحضور عند الجنائز وزيارة القبور تشتمل على آثار إيجابية ، كالتذكير باللّه وبالآخرة وغيرهما من الآثار التربوية . ۲
كما أنّ النياحة سبب لسيلان الدموع ممّا تنتهي إلى تخفيف ألم المصاب، ۳ فهي ممّا توافق الفطرة، ولا قبح ذاتي فيها .
نعم قد يطرأ عليها قبح من قبل الرسوم الجاهلية ونحوها ، فيقتضي المنعَ عنها مؤقَّتا؛ حسما لمادّة الضلال .
فعندما هاجر النبي الكريم صلى الله عليه و آله إلى المدينة وأسّس الدولة الإسلامية منع الناس عن النياحة وعن العادات السائدة عند موت أحدٍ ؛ ذريعة للإصلاح ومنعا عن تلك السنن المستنكرة . فلمّا أثّرت هذه الخطّة أثرها في نفوس المسلمين وأفكارهم خلّى بينهم وبين مشاعرهم وعواطفهم الإنسانية .

1.والآية نزلت في اُخريات حياة النبيّ صلى الله عليه و آله ، مع أنّ الأحاديث الناهية عن زيارة القبور والنياحة وعن حضور النساء على الجنائز صدرت في أوائل هجرته صلى الله عليه و آله إلى المدينة ؛ وكذا الروايات الدالّة على بكائه صلى الله عليه و آله في موت إبراهيم ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

2.روى ابن ماجة والترمذي بإسنادهما عنه صلى الله عليه و آله : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ؛ فإنّها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة» (سنن ابن ماجة: ج۱ ص۵۰۱ ح۱۵۷۱ ، سنن الترمذي : ج۳ ص۲۷۴ ) .

3.روى الكليني بإسناده عن خديجة بنت عمر بن عليّ بن الحسين ، قالت : سمعت عمّي محمّد بن عليّ عليه السلام يقول : «إنَّما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا ، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح» (الكافي: ج۱ ص۳۵۸ ح۱۷ ، وسائل الشيعة: ج۱۷ ص۱۲۷ ح۲۲۱۶۱ ) .


اسباب اختلاف الحديث
260

۲۵۴.۲ . ابن ماجة بإسناده عن أبي هريرة ، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : زوروا القبور ؛ فإنّها تذكّركم الآخرة . ۱

بل هناك روايات كثيرة دالّة على جوازها . ۲

مورد الاختلاف :

الاختلاف بين الروايات المذكورة أو المشار إليها واضح جدّا .

علاج الاختلاف :

علاج الأمثلة الثلاثة المتقدّمة بحمل الأحاديث الدالّة على تحريم النياحةِ وحضورِ النساء الجنائز وزيارةِ القبور على نسخها بالطائفة الاُولى الدالّة على جواز المذكورات . والشاهد على ذلك مضافا إلى تاريخ صدورهما :

۲۵۵.ما رواه مالك ومسلم وأبو داوودوالنسائي والترمذي بأسانيدهم عنه صلى الله عليه و آله ـ بهذا المضمون ـ :كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها . ۳

۲۵۶.الأحاديث المجوِّزة المتواترة معنىً عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. ۴ ومفهوم ما جاء في المنافقين في الذكر الحكيم : « وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَـسِقُونَ »۵ ؛ حيث تنهى عن القيام على قبور المنافقين والصلاة على جنائزهم، معلّلة ذلك بأنَّهم كفروا باللّه ورسوله ، فتدلّ على جواز

1.سنن ابن ماجة : ج۱ ص۵۰۰ ح۱۵۶۹ .

2.راجع وسائل الشيعة : ج۳ ص۲۲۲ ـ۲۳۴ ح۳۴۶۲ ـ ۳۴۹۶ / ب۵۴ ـ ۶۵ من أبواب الدفن ، بل و جُلّ أبواب كتاب كامل الزيارات ومن جملتها الباب ۱۰۵ ص۳۱۹ ـ ۳۲۴ وكتاب المزار للمفيد و المزار الكبير للشيخ ابن المشهدي و المزار للشيخ الشهيد محمّد المكّي المعروف بالشهيد الأوّل ، وغيرها من كتب المزارات .

3.الرعاية : ص۱۲۸ ، سنن أبي داوود : ج۳ ص۲۱۸ ح۳۲۳۵ .

4.وهي الأحاديث المشار إليها قبل الهامش السابق .

5.التوبة : ۸۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227401
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي