بل إنّ النبي صلى الله عليه و آله بكى وندب ۱ بناته صلى الله عليه و آله وابنه إبراهيم عليه السلام ، ولم يمنع فاطمة عليهاالسلاموالهاشميات عن حضور الجنائز والصلاة عليها والبكاء والنوح .
۲۵۷.فلمّا أنكر عليه صلى الله عليه و آله بعض الصحابة بكاءَه وندبته ـ قائلاً :يا رسول اللّه تنهى عن البكاء وأنت تبكي؟ ـ قال : «ليس هذا بكاءً إنَّما هذا رحمة ، ومن لا يَرحم لا يُرحم» ۲ .
فبيّن لهم أنَّ هذا البكاء الناشئ من العواطف الإنسانية والفطرة الإلهية ليس هو المنهيّ عنه ، وإنّما المنهيّ عنه هو البكاء الممزوج بمزيج الكفر والضلال .
هذا ؛ ولا يحضرني من أمثلة نسخ السنّة بمثلها ـ بمصطلحه الخاصّ ـ غير ما تقدّم ، مع كونه محلّ التأمّل .
وهم ودفع في حقيقة النسخ
لا يقال : النسخ ينافي علم اللّه سبحانه بالمصالح والمفاسد الّتي لابدّ منها في تشريع الأحكام ؛ إذ لو كان للمنسوخ مصلحة فالنسخ لماذا؟! وإن كان للناسخ مصلحة أعظم منه ، فلابدّ من ملاحظتها من بداية الأمر .
لأنّه يقال: حقيقة النسخ ليست إلاّ رفع الحكم الشرعي الثابت المحدود ـ في علم اللّه ـ وقتا وأمدا من أوّل التشريع ، لكن ظاهر دليله في مقام الإبلاغ مقتضٍ للبقاء والدوام . فإذا ورد الناسخ انكشف أنّ الدليل الأوّل كان مؤقّتا وقد انتهى أمده . فالمصلحة ـ حين التشريع وإبلاغ الحكم ـ وإن اقتضت نسبة الحكم إلى الموضوع بلسان الإطلاق ، غير أنَّ الموضوع كان في علم اللّه تعالى مقيّدا بقيد أو معلّلاً بعلّة أو منوطا بملاك مؤقّت ، فبانتهاء أمد قيد الحكم وملاكه يتبدّل موضوع الحكم فيتبعه حكمه .