وجد له أمام ، ولالتمس التمامَ إذ لزمه النقصان ، وإذا لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحوّل دليلاً بعد أن كان مدلولاً عليه ، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره ، الّذي لا يحول ولا يزول ولا يجوز عليه الاُفول ، لم يلد فيكون مولودا ـ إلى أن قال عليه السلام : ـ ولا يتغيّر بحال، ولا يتبدّل في الأحوال . ۱
مورد الاختلاف:
ظاهر الحديث الأوّل نسبة التردّد والتحيّر إلى ذات الباري تبارك وتعالى ، وهو ينافي الحديث الثاني وغيره من الأحاديث المتواترة النافية عن ذاته سبحانه وتعالى قبول أي تغيّر وتحوّل وطروّ الأحوال، وحدوث الأعراض، وقبول الأوصاف أو زوالها، بل تنفي عن ذاته سبحانه وتعالى قبول أي تفكّر وتردّد واضطراب .
مضافا إلى استحالة هذه النسبة عقلاً ومخالفتها لمحكمات الكتاب العزيز، ممّا يدخله في مشكل الحديث أيضا .
علاج الاختلاف :
يمكن علاج الاختلاف بمعرفة وجه التشابه في الحديث الأوّل ، وحمل «تردّده» سبحانه هنا على تردّد ملائكته الكرام الموكَّلين ببعض الاُمور ۲ المتعلِّقة بشأن قبض روح المؤمن .
وتردّد الملائكة في موت المؤمن ناشئ من انطباع مقتضيين : ما يقتضي بلوغ أجله، وما يقتضي عدم بلوغه ، في لوح المحو والإثبات ، فانطباع أجل المؤمن ـ أو بعض مقتضياته ـ في ذاك اللوح، يقتضي علمهم ببلوغ أجله ؛ وعلمُهم بكراهته للموت وكراهةِ اللّه تعالى لمساءته مقتضٍ لعلمهم بعدم بلوغ أجله ، لولا تعارض المقتضيين . فتتردّد الملائكة في أنّ اللّه تعالى قدَّر البداء في أجله لئلاّ يسوء عبده المؤمن ، أم سيُرضيه بما يَرضى معه للموت