283
اسباب اختلاف الحديث

۲۷۷.۲ . وأيضا بإسناده عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ـ في التقصير في الصلاة ـ : بريد في بريد أربعة وعشرون ميلاً . ۱

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يعتبر حدّ السفر ـ الّذي هو موضوع تقصيرِ الصلاة ـ «مسيرة يوم» ، والحديث الثاني يجعله «بريدا في بريد أربعة وعشرين ميلاً» ، وأنت تعرف أنّ أربعة وعشرين ميلاً تارة تُطوى في بياض يوم إذا كان السير بجمل ـ ، واُخرى في أقلّ من ذلك إذا كان على الدابّة الناجية مثلاً ، هذا بحسب الوسائل المتداولة يومذاك ، وأمّا بالسيّارات والوسائط الحديثة في عصرنا هذا فالفرق بين التحديدين واضح .
فيُتساءل هل الاعتبار بمسيرة يوم؟ أم بالفراسخ ؟ أم بهما معا ؟

علاج الاختلاف :

بحمل التحديد بمسيرة يوم على كونه عنوانا مشيرا إلى الحدّ المقرّر المحدَّد بالفراسخ ونحوها ، وممّا يشهد لذلك :
أ ـ الجمع بين التحديدين في عدّة نصوص ، منها:

۲۷۸.ما رواه الشيخ بإسناده عن سماعة قال:سألته عن المسافر كم يقصّر الصلاة . فقال : في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ» ۲ .

ب ـ الأحكام الإلزامية لابدّ من كونها محدّدة الموضوع ، ولا ريب أنّ الأنسب في مقام تحديد المسافات هو تحديدها بمقادير معلومة كالفراسخ والأميال والبُرُد الموضوعة لتقدير المسافات ، لكن لمّا كانت وسائط النقل المتداولة آنذاك غير مجهّزة بآلات تحديد المسافات ، وليس بإمكان المسافرين تحديدها بالأقدام ، نصب الشارع الأقدس علامة لبيان حدّ الموضوع .

1.الاستبصار : ج۱ ص۲۲۳ ح۷۸۷ .

2.الاستبصار : ج۱ ص۲۲۲ ح۷۸۶ .


اسباب اختلاف الحديث
282

من قبل اللّه تعالى ، فلابدّ من وجود مائز بين العناوين الأصلية والمشيرة .
فكلّ عنوان اُسند إليه حكم شرعي وشككنا في كونه مجعولاً لنفس هذا العنوان أم لما يشير إليه ، فالأصل كونه لنفس العنوان، وأنّه عنوان مستقلّ للحكم المذكور ؛ لظهور الكلام في أنّ ما اُسند إليه الحكم هو تمام الموضوع . وإسناد الحكم إلى الموضوع من باب إسناد الشيء إلى غير ما هو له مجاز عقلي لايصار إليه إلاّ بالدليل ، فالّذي يحتاج إلى بيان زائد هو مشيرية العنوان المسند إليه الحكم . هذا فيما إذا لم تختلف العناوين في التعبير عن المجعول الشرعي .
وأمّا مع الاختلاف فيرجع إلى القرائن المعيِّنة للعناوين الأصلية والمشيرة ، نحو مناسبة الحكم والموضوع ، أو كثرة ورود التعبير بشيء ، وكلّ ما يجعله أنسب للجعل الشرعيّ في شريعة عالمية خالدة .
ثمّ إنّه ما دام التساوي ۱ موجودا بين العناوين المشيرة والعناوين الأصلية لموضوعات أحكامها ـ ولو في زمان الخطاب أو عرف أهل التخاطب ـ فإنّ الاختلاف بينهما يكون صوريّا محضا وفي ناحية الأداء . لكن بعد تغيّر العنوانين ـ بسبب النقل اللغوي إمّا كلّيّا أو جزئيّا ـ أو تغيّر مقاديرهما في عرف غير التخاطب ـ ، يتراءى الاختلاف بينهما عميقا ، وربما يخفى سرّ التنافي فيتصوّر التعارض بين الدليلين ، أو يلتبس العنوان الأصلي بالعنوان المشير .

المثال : تحديد حدّ السفر بالمسافة لا بالزمان

۲۷۶.۱ . الشيخ الطوسي بإسناده عن عليّ بن يقطين، قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر وهو مسيرة يوم. قال: يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم، وإن كان يدور في عمله . ۲

1.وإذا اختلفت نسبة العناوين باختلاف الظروف ، يصبح الاختلاف من الاختلاف بالزمان أو بالمكان وسنبحث عنه ذلك في القسم الرابع ، أعني تغيّر الظروف .

2.الاستبصار : ج۱ ص۲۲۵ ح۷۹۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253940
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي