الحدود والمقادير ، فالأصل كونه تمامَ الموضوع لتوجّه الحكم إليه ، وما سوى ذلك ممّا فوقه ، إمّا أن يحمل على التسامح ـ في مقام التحديد ـ بما لا يلزم الإحالة على المجهول ولا الإغراء بالمعصية ، من دون ملاحظة استحباب في الأخذ بسائر الحدود ، أو مع استحباب الأخذ بسائر الحدود الّتي هي فوقه استحبابا نفسيّا ، أو من باب المقدّمة العلمية .
ولأنّه إذا شكّ في التكليف بشيء بين الأقلّ والأكثر فالأقلّ هو القدر المتيقّن ، والتكليف بما فوقه مشكوك فيه، فيُنفى بالأصل . فإذا أمكن التحفّظ على مداليل الدليلين معا بمثل ما ذكر من الحمل لا يجوز طرح شيء منهما ، فإنّ طرح أحد الدليلين فرع التنافي الكلّي بينهما بوجه لا يقبل الجمع والتوفيق ، مع أنّه فيما نحن فيه يقع عادة بين منطوق أحدهما ـ بكون المقدار الأقلّ كافيا في مقام الامتثال ـ وبين مفهوم الآخر بعدم كفاية الأقلّ من المقدار المذكور في الدليل الثاني ، فالتصريح بكفاية القدر الأقلّ في دليله مانع عن حجّية مفهوم الدليل الثاني .
بقي هنا شيء وهو أنّه قد يستشهد باختلاف التحديدات والمقادير المذكورة لموضوع واحد على كون الحكم غير إلزامي وأنّه من المستحبّات مثلاً . لكنّ الحمل على الاستحباب متوقّف على وجود ما يدلّ على الترخيص ، فإن وُجد كان التفاوت من القرائن المؤيّدة للترخيص الوارد ، وإلاّ فإنّ مجرّد الاختلاف لا يدلّ على الاستحباب وانتفاء الإلزام ، بعد إمكان الحفاظ على النصوص ومداليلها .
المثال الأوّل : تحديد الماء بالكرّ بالأشبار
۲۸۱.۱ . الشيخ الطوسي قدس سره بإسناده عن إسماعيل بن جابر، قال :قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الماء الّذي لا ينجسّه شيء ؟ قال : ذراعان عمقه، في ذراع وشبر سعته . ۱
۲۸۲.۲ . الشيخ والكليني بإسنادهما عن الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :