نعم جعل الباري تعالى بعدله وحكمته للوراثة والبيئة وغيرهما آثارا، فمن أطاع ربّه وسأله ـ بدعائه وطاعتِه وحسنِ تدبيره ـ طيبَ النسلِ وصلاح الذريّة مثلاً أعطاه سؤله وأصلح نسله ؛ شكرا منه تعالى لطاعة الآباء وعفاف الاُمّهات . فلكلّ من صلاح الآباء ومساعيهم دور في اكتمال الأولاد .
فهذه الأرضيّات والاستعدادات ممّا فضّل اللّه بها هؤلاء على غيرهم ، فإن استخدموها في مسير الكمال؛ أعني المعرفة والتقوى فازوا بخصائص الفضل والكرامة، وتحوّلت تلك القوى و الاستعدادات فضائل فعليّة يفضِّلهم اللّه تعالى بها على غيرهم .
فمن ذلك ترى أنّه تعالى بعدله وحكمته لم يسوّ بين الشجرة الطيّبة ۱ وسلالة النبوّة صلوات اللّه عليهم وبين الشجرة الملعونة ۲ الّتي هي بنو اُميّة .
نعم إن أطاع أمر ربّه واستخدم ما منحه اللّه تعالى من العقل والإرادة والاستطاعة في مسير طاعته ، فلا يشمله اللعن الصادر في بني اُمية ، بل يصير من وليجة أهل البيت عليهم السلام .
۳۰۴.روى المفيد قدس سره عن أبي حمزة قال :دخل سعد بن عبدالملك ـ وكان أبو جعفر عليه السلام يسمّيه: «سعد الخير» وهو من ولد عبدالعزيز بن مروان ـ على أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء ، قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما يبكيك يا سعد ؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن . فقال له : لست منهم ، أنت أمويّ منّا أهل البيت ؛ أما سمعت قول اللّه عز و جليحكي عن إبراهيم « فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى »۳ . ۴
والملاك في الفضيلة والكرامة عند اللّه تعالى أو الرذيلة والدناءة في الحقيقة هو الفعلي منهما ، وعليه يُحشَر الناس، دون ما كان منهما بالقوّة والاستعداد .
ولا يخفى أنَّ هذا السبب له دور كبير في علاج مختلف الحديث غير أنّا نكتفي بما أشرنا