307
اسباب اختلاف الحديث

إليه من أمثلته خلافا لما بنينا عليه في سائر أسباب الاختلاف ، ولا يخفى سرّه لاولي الفضل والنُهى ، فإنّ بعض المِعى لا يتحمّل جميع الأطعمة الطيّبة ، كما جاء في الذكر المبين : «وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَسارًا »۱ ، «إِنَّ اللّه لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها . . . وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللّه بِهذا مَثَلاً ؛ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ»۲

1.الإسراء : ۸۲ .

2.البقرة : ۲۶ .


اسباب اختلاف الحديث
306

نعم جعل الباري تعالى بعدله وحكمته للوراثة والبيئة وغيرهما آثارا، فمن أطاع ربّه وسأله ـ بدعائه وطاعتِه وحسنِ تدبيره ـ طيبَ النسلِ وصلاح الذريّة مثلاً أعطاه سؤله وأصلح نسله ؛ شكرا منه تعالى لطاعة الآباء وعفاف الاُمّهات . فلكلّ من صلاح الآباء ومساعيهم دور في اكتمال الأولاد .
فهذه الأرضيّات والاستعدادات ممّا فضّل اللّه بها هؤلاء على غيرهم ، فإن استخدموها في مسير الكمال؛ أعني المعرفة والتقوى فازوا بخصائص الفضل والكرامة، وتحوّلت تلك القوى و الاستعدادات فضائل فعليّة يفضِّلهم اللّه تعالى بها على غيرهم .
فمن ذلك ترى أنّه تعالى بعدله وحكمته لم يسوّ بين الشجرة الطيّبة ۱ وسلالة النبوّة صلوات اللّه عليهم وبين الشجرة الملعونة ۲ الّتي هي بنو اُميّة .
نعم إن أطاع أمر ربّه واستخدم ما منحه اللّه تعالى من العقل والإرادة والاستطاعة في مسير طاعته ، فلا يشمله اللعن الصادر في بني اُمية ، بل يصير من وليجة أهل البيت عليهم السلام .

۳۰۴.روى المفيد قدس سره عن أبي حمزة قال :دخل سعد بن عبدالملك ـ وكان أبو جعفر عليه السلام يسمّيه: «سعد الخير» وهو من ولد عبدالعزيز بن مروان ـ على أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء ، قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما يبكيك يا سعد ؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن . فقال له : لست منهم ، أنت أمويّ منّا أهل البيت ؛ أما سمعت قول اللّه عز و جليحكي عن إبراهيم « فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى »۳ . ۴

والملاك في الفضيلة والكرامة عند اللّه تعالى أو الرذيلة والدناءة في الحقيقة هو الفعلي منهما ، وعليه يُحشَر الناس، دون ما كان منهما بالقوّة والاستعداد .
ولا يخفى أنَّ هذا السبب له دور كبير في علاج مختلف الحديث غير أنّا نكتفي بما أشرنا

1.راجع إبراهيم: ۲۴ و ۲۶ و الإسراء: ۶۰ .

2.راجع الإسراء : ۶۰ .

3.إبراهيم: ۳۶ .

4.الاختصاص : ص۸۵ ، أهل البيت في الكتاب والسنّة: ص۵۵۷ ح۱۲۸۶ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254646
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي