309
اسباب اختلاف الحديث

ثمّ نجد لنفس هذا الأثر والمعلول المذكور في هذا الحديث ، مانعا في حديث آخر وعلى نحو الإطلاق ، فيتوهّم أنّه مانع تامّ لذاك الأثر ، فيقع بسبب هذين الإيهامين ـ الحاصلين من إفراد المقتضي والمانع بالذكر ـ اختلاف صوريّ .
ومثل هذه العلل والمؤثّرات الناقصة المقتضية لبعض الآثار تسمّى بـِ «المقتضي» في قبال «المانع» الّذي يعنون به كلّ ما يمنع أو يقتضي المنع عن تحقّق شيء أو أثر خاصّ .
تنبيه: من أكثر ما يجري فيه هذا السبب ـ أعني إفراد المقتضي أو المانع بالذكر ـ الأحاديث المشتملة على ذكر ثواب الأعمال وعقابها والمبيّنة لخواصّ وآثار الأطعمة والأشربة والأدوية ونحوها .

المثال الأوّل : من يعطى ثواب الصوم ومن يحرم

۳۰۵.۱ . روى الصدوق بإسناده عن طلحة بن يزيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من صام يوما تطوّعا أدخله اللّه تعالى الجنّة . ۱

۳۰۶.۲ . روى الصدوق والمفيد الثاني قدس سرهبإسنادهما عن أبي هريرة ، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ربّ صائم حظّه من صيامه الجوع، وربّ قائم حظّه من قيامه السهر . ۲

۳۰۷.۳ . روى الصدوق بإسناده عن المعلّى بن خنيس، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : يا معلّى، لو أنَّ عبدا عبد اللّه مئة عام بين الركن والمقام يصوم النهار ويقوم الليل حتّى يسقط حاجباه على عينيه وتلتقي تراقيه هرما ، جاهلاً لحقّنا لم يكن له ثواب . ۳

1.ثواب الأعمال: ص۷۷ ح۱ .

2.فضائل الأشهر الثلاثة : ص۱۴۴ ح۱۵۸ ، الأمالي للطوسي : ص۱۶۶ ح۲۷۷ وفيه «الجوع والعطش » .

3.ثواب الأعمال: ص۲۴۳ ح۱ .


اسباب اختلاف الحديث
308

السبب التاسع والثلاثون : إفراد المقتضي أو المانع بالذكر

من أهمّ أساليب الكلام المعتمدة في الحديث خصّ بعض الأسباب والعلل المقتضية لشيء بالذكر دون التعرض إلى موانعه ، أو بالعكس، مع أنّ المقتضي أو المانع الّذي لم يذكر ربما يكون أقوى ممّا ذكر ، فيغلب عليه . ۱
توضيحه أنّ ما له دخل و تأثير في تحقّق شيء اُمورٌ مختلفة ۲ : من العلل الفعّالة والمعدّات وانتفاء الموانع وما إلى ذلك ، لكنّ بعض الجهات قد توجب الاقتصار على ذكر البعض دون البعض كالإيجاز في البيان، واقتضاء الحال للاهتمام بذكر البعض دون البعض ، فيحصل بسببه اختلاف صوريّ بين الأحاديث بعضها مع بعض ، خصوصا بالنسبة إلى غير الحاضرين في ظرف التخاطب .
إذا تمهّد ذلك فاعلم أنّه قد تدلّ الأحاديث على تأثير شيء على آخر تأثيرا خاصّا ، من دون إشارة إلى أنه علّة تامّة له أم جزء علّة ، بحيث لايؤثِّر تأثيره إلاّ بتوفّر سائر الأجزاء ، ومن دون إشارة إلى وجود مانع عن تأثيره، فيكون إطلاق الحديث في تأثير تلك الأسباب والعلل موهما لكونها عللاً تامّة في التأثير .

1.ومن هذا الباب أيضا ما إذا ذكر المانع من دون تعرّض لذكر ما يرفعه ويزيله ، فيطرأ المزيل فيرفع المانع ويؤثِّر المقتضي أثره .

2.توضيحه : أنَّ العلّة تنقسم إلى التامّة والناقصة ، وإلى الواحدة والمتكثّرة ، وإلى البسيطة والمركّبة ، وإلى القريبة والبعيدة ، وإلى الداخلية والخارجية ، والداخلية هي المادّة والصورة ، والخارجية هي العلّة الفاعلية والغائية ، وهما المسمّاتان بعلّتي الوجود . وأيضا تنقسم إلى علل حقيقية وعلل إعدادية ، وشأن المعدّات تمهيد أرضية العمل للعلّة الفاعلة وتقريب المادّة إلى العلّة الفاعلة إعدادا لشروط العمل والتأثير .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233369
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي