السبب الأربعون : اختلاف الرؤية التوحيدية والعاديّة
من جملة ما يوجب الاختلاف الصوري بين الأحاديث ويوهم التنافي بينها اختلاف رؤية المعصوم عليه السلام عن غيره إلى الأحداث ، بل إنّ هذا من أهمّ الأسباب الموجبة لمشكل الحديث أيضا .
وذلك أنّ الشيء ما لم توجد مجموعة أجزاء علله لم يوجد ، ولكلّ شيء علل طولية، كما أنّ له عللاً عرضية ، وما من شيء إلاّ ومرجع علله وأزمّة اُموره إلى اللّه تعالى .
وهذه العلل يمكن تقسيمها باعتبار إلى : العلل العاديّة، والعلل التوحيديّة . وأعني بالعلل العاديّة الأسباب المعهودة لنا في رؤيتنا العاديّة للاُمور كالعلل الفيزيائية ونحوها . وأعني بالعلل التوحيديّة ما يرجع إلى تعلّق الإرادة الإلهية ومشيئته سبحانه بشيء نفيا أو إثباتا، وكذا الأسباب المتعلّقة بعوالم الغيب ؛ من توكيله سبحانه الملائكةَ على الاُمور .
وقد بعث الأنبياء والأولياء عليهم السلام لإلفات نظر الناس إلى عوالم الغيب والعلل الإليهة؛ لأنّها هي التي تقع في طريق هداية الناس إلى التوحيد .
لكن قد تدعو الضرورة إلى أن يلاحظ المعصومون عليهم السلام العللَ العاديّة وأن يُسندوا الاُمور إلى الأسباب الأرضية ، فيتوهَّم من لا خبرة له بلسانهم عليهم السلام أنّ الأحاديث المشتملة على الصنفين المذكورين مختلفة بعضها مع بعض، وما ذلك إلاّ من قلّة المعرفة بمعارفهم عليهم السلام ، فكلّ الاُمور معلولة لإرادة اللّه تبارك وتعالى، وللعلل والأسباب الّتي استخدمها ۱ لتنفيذ