323
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثاني والأربعون : العامّ المراد به الخاصّ

قد يعبّر عن الخاصّ بلفظ العامّ؛ بذكر وصف من أوصافه ، فيكون من باب تعريف الشيء بوجهه لا باسمه ، فيظهر هنا سبب آخر لاختلاف الحديث ، وذلك لأنّ اللفظ «العامّ المراد به الخاصّ» بإيهامه الشمول قد يوجب تنافيا صوريّا بينه وبين غيره من الأحاديث . ويعتبر هذا الاُسلوب من الكلام من أساليب البلاغة ، وله فوائد عديدة. ۱

الفرق بين العامّ المراد به الخاصّ و العامّ المخصَّص

الفارق الجوهري بين مانحن فيه وبين «العام المخصّص» ۲ هو أنّ الشمول في «العامّ المخصَّص» مراد بالإرادة الاستعمالية، ۳ وإن كان المراد بالإرادة الجدّية هو الخاصّ ، بخلاف العامّ المراد به الخاصّ فإنّ المراد بكلتا الإرادتين ـ الاستعمالية والجدّية ـ فيه هو الخاصّ دون غيره . ۴

1.لا بأس بالإشارة إلى بعضها ؛ منها : ترغيب السامع للتعرّف على حكم هامّ اُسند إلى موضوع مبهم . ومنها : العلم الحاصل بعد الطلب أوقع في النفس وأقرّ في القلب ، وأبعد من النسيان . ومنها : التمهيد لقبول المخاطب بحمله على التفكّر وعدم التسرّع إلى الإنكار ، ومنها : الاجتناب عن تهييج السامع الحاسد وإثارة غضبه . ومنها : التمهيد لتضمين المسند إليه بعلّة الحكم .

2.الذي تقدّم البحث فيه في القسم الثاني.

3.فائدة التفريق بين الإرادتين ـ الاستعمالية والجدّية ـ في العامّ المخصَّص ، هو إعطاء قاعدة كلّية في غير ما ثبت إخراجه وتخصيصه ، فيكون «العامّ» مرجعا في موارد الشكّ ، بخلاف «العامّ المراد به الخاصّ» .

4.قد عبَّر السيوطي عن هذا الفرق بقوله : «أنّ الأوّل ـ يعني «العامّ المراد به الخاصّ» ـ لم يرد شموله لجميع الأفراد ، لا من جهة اللفظ ولا من جهة الحكم ، بل هو ذو أفراد استعمل في فرد منها . والثاني اُريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها ، لامن جهة الحكم» (الإتقان في علوم القرآن : ج۲ ص۳۱ النوع ۴۵ ) .


اسباب اختلاف الحديث
322

وقاسطين ومارقين ، وإذا تنجّزت خلافته عليه السلام صارت حجّته عليه السلام أتمّ، وعقابهم بعد التعذير أشدّ ومآل أمرهم أوخم .
فظهر وجه كونه عليه السلام لهؤلاء الأغباش «وزيرا خير لهم منه أميرا» .
وممّا يدلّ على كون الحجّة بعد التعذير أتمّ وعقاب المخالفة أشدّ وأشقّ قول اللّه تعالى لعيسى عليه السلام ـ في سؤال نزول مائدة من السماء؛ لتطمئنَّ قلوب الناس بكلمة اللّه ودينه ـ : « قَالَ اللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابً ا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَــلَمِينَ »۱ . والآية واضحة الدلالة مستغنية عن البيان .
ولكلّ من الشارحَين الجليلين البحرانيوالخوئي ـ قدّس سرّهما ـ كلاما في شرح الحديث الأوّل على وتيرة ما بيّنّاه فراجع ۲ . والحمد للّه .

1.المائدة: ۱۱۵ .

2.راجع شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني : ج۲ ص۳۸۵ ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة : ج۷ ص۶۲ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 256009
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي