السبب الثاني والأربعون : العامّ المراد به الخاصّ
قد يعبّر عن الخاصّ بلفظ العامّ؛ بذكر وصف من أوصافه ، فيكون من باب تعريف الشيء بوجهه لا باسمه ، فيظهر هنا سبب آخر لاختلاف الحديث ، وذلك لأنّ اللفظ «العامّ المراد به الخاصّ» بإيهامه الشمول قد يوجب تنافيا صوريّا بينه وبين غيره من الأحاديث . ويعتبر هذا الاُسلوب من الكلام من أساليب البلاغة ، وله فوائد عديدة. ۱
الفرق بين العامّ المراد به الخاصّ و العامّ المخصَّص
الفارق الجوهري بين مانحن فيه وبين «العام المخصّص» ۲ هو أنّ الشمول في «العامّ المخصَّص» مراد بالإرادة الاستعمالية، ۳ وإن كان المراد بالإرادة الجدّية هو الخاصّ ، بخلاف العامّ المراد به الخاصّ فإنّ المراد بكلتا الإرادتين ـ الاستعمالية والجدّية ـ فيه هو الخاصّ دون غيره . ۴
1.لا بأس بالإشارة إلى بعضها ؛ منها : ترغيب السامع للتعرّف على حكم هامّ اُسند إلى موضوع مبهم . ومنها : العلم الحاصل بعد الطلب أوقع في النفس وأقرّ في القلب ، وأبعد من النسيان . ومنها : التمهيد لقبول المخاطب بحمله على التفكّر وعدم التسرّع إلى الإنكار ، ومنها : الاجتناب عن تهييج السامع الحاسد وإثارة غضبه . ومنها : التمهيد لتضمين المسند إليه بعلّة الحكم .
2.الذي تقدّم البحث فيه في القسم الثاني.
3.فائدة التفريق بين الإرادتين ـ الاستعمالية والجدّية ـ في العامّ المخصَّص ، هو إعطاء قاعدة كلّية في غير ما ثبت إخراجه وتخصيصه ، فيكون «العامّ» مرجعا في موارد الشكّ ، بخلاف «العامّ المراد به الخاصّ» .
4.قد عبَّر السيوطي عن هذا الفرق بقوله : «أنّ الأوّل ـ يعني «العامّ المراد به الخاصّ» ـ لم يرد شموله لجميع الأفراد ، لا من جهة اللفظ ولا من جهة الحكم ، بل هو ذو أفراد استعمل في فرد منها . والثاني اُريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها ، لامن جهة الحكم» (الإتقان في علوم القرآن : ج۲ ص۳۱ النوع ۴۵ ) .