335
اسباب اختلاف الحديث

متأثِّرين بروايات اختلقها بنو اُميّة على ألسنة الرواة الفسّاق الكذّابين ؛ بترهيبهم وترغيبهم مضافا إلى أن سيّدنا أبا طالب عليه السلام كان يتّقي في إيمانه؛ لحفظ سؤدده ومكانته السامية في قريش؛ ذريعة إلى حماية دينه وحبيبه الرسول الكريم صلى الله عليه و آله .
وممّا يشهد لإيمانه بعض الأبيات المتقدِّمة وما سيأتي أيضا ، وأمّا ما يدلّ على تقيّته عليه السلام في إيمانه ، فقوله :

فمَن مثلُه في الناس أو من مؤمَّلإذا قايس الحُكّامُ أهلَ التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائشيوالي إلها ليس عنه بذاهل
فأيَّده ربُّ العباد بنصرهوأظهر دينا حقُّه غيرُ ناصل
فواللّه لولا أن أجيء بسُبّةتُجَرّ على أشياخنا في المحافل
لَكُنَّا اتّبعناه في كلّ حالةمن الدهر جِدّا غيرَ قول التهازل
لقد علموا أنّ ابننا لا مكذَّبلديهم ولا يعنى بقول الأباطل
فعلى الرغم من تصديقه لحبيبه وابن أخيه ومن كون دينه منصورا من عند ربّ العباد ، وحقّا غير زائل ولا خارج عن حقّانيته ، تراه يشير إلى تقيّته في إيمانه :

فواللّه لولا أن أجيء بسُبّةتُجَرّ على أشياخنا في المحافل
لَكُنَّا اتّبعناه في كلّ حالةمن الدهر جِدّا غيرَ قول التهازل
فهو ـ سلام اللّه عليه ـ مع إشارته إلى إيمانه بقوله : «فواللّه لولا . . . لَكُنَّا اتّبعناه في كلّ حالة من الدهر» يتّقي من المشركين ، فيُبقي بهذا لنفسه مَخلصا للماشاة، كيلا يتيقّنوا بإيمانه؛ ذريعة إلى الذبّ عن الرسول الحبيب ، كما :

۳۳۶.روى الكليني بإسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:إنّ مثل أبيطالب مثل أصحاب الكهف؛ أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين . ۱

أقول للقائلين بكفره عليه السلام : باللّه عليكم ؛ ماالّذي يمنع رجلاً كريما كأبي طالب عليه السلام ـ مع كونه متفانيا بنفسه وبنيه وذويه ـ في محبّة حبيبه وابن أخيه ، تاركا لسؤدده إلاّ بقدر ما يُبقيه

1.الكافي: ج۱ ص۴۴۸ ح۲۸ .


اسباب اختلاف الحديث
334

۳۳۵.وفي حديث آخر :كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول :

لقد علموا أنّ ابننا لا مكذَّبلديهم ولا يعنى بقول الأباطل۱
وأبيض يُستسقى الغمام بوجههربيع اليتامى عصمة للأرامل!۲

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل ـ كبعض مختلقات بني اُميّة التي وضعت خوفا من سيوفهم أو طمعا في أموالهم ـ يدلّ على كفر أبي طالب عليه السلام ، مع أنّ الحديثين الأخيرين ـ ككثير من الأحاديث المؤيَّدة بالتواريخ الصحيحة ـ تدلّ على إيمانه ، بل وعلى تقدّمه في الإيمان .

علاج الاختلاف :

بحمل الحديث الأوّل على الجري على اُسلوب الجدل ، ومجاراة الخصم على مسلّماته .
قال العلاّمة المجلسي قدس سره ـ بعد نقل الحديث الأوّل ـ : «قضيّة أبي طالب عليه السلام لعلّها إلزام على العامّة القائلين بكونه كافرا» .

تذييل : في إيمان أبي طالب عليه السلام

يدلّ على إيمان أبي طالب عليه السلام الأحاديث المستفيضة بأسانيد معتبرة ـ عن آل الرسول عليه وعليهم السلام ـ المعتضدة بالتواريخ الصحيحة، المؤيَّدة بالعقل والاعتبار .
كما يدلّ عليه تراثه الشعري المليء بتصديق حبيبه الرسول الكريم صلى الله عليه و آله ، وديوانه مستفيض في روايات الفريقين وفي كتب العربية . ۳
ويشهد لما ذكرناه في علاج الاختلاف أنّ شيعة آل أبي سفيان كانوا يزعمون كفره عليه السلام ،

1.وقد ورد هذا البيت في ديوان أبي طالب عليه السلام : ص۱۱ .

2.الكافي: ج۱ ص۴۴۸ ح۲۹ ، وجاء البيت الأخير في ديوان شيخ الأباطح أبي طالب عليه السلام : ص۶ .

3.تمثّل السيوطي في كتابه البهجة المرضية في شرح الألفية : ص۲۶۳ (باب المدح والذمّ ) ، وابن هشام في قطر الندى : ص۲۴۲ ـ باب التمييز ـ بقوله عليه السلام : ولقد علمت بأنّ دين محمّدمن خير أديان البريّة دينا

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230375
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي