337
اسباب اختلاف الحديث

السبب الرابع والأربعون : اختلاف مقامات الكلام

لكلّ مقام مقال، ولكلّ حال اقتضاء، ولكلّ مخاطب بيان يليق بحاله . كما قال الخطيب القزويني : «البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال» ۱ . فالمُتكلّم البليغ هو الذي يعطي الكلامَ حقّه والبلاغةَ حدودها ومقتضياتِها . فيصوغ كلامه صياغة مناسبة لمقتضيات الظروف والأحوال والمقامات المختلفة .
وحيث إنَّ النبيّ الكريم صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام أفصح الناطقين بالضاد، واُمراءُ الكلام، ومعادن البيان ، فبطبيعة الحال يلزمهم مراعاة ماتقتضيه أحوال الكلام . فكانوا يكلِّمون الأشراف والكرام بغير ما يكلّمون به السفلة والأجلاف ، ويكلّمون الأذكياءَ بغير ما يكلّمون به السذَّج والبسطاء ، ويكلّمون الخواصَّ والأبدال والأوتاد بغير ما يكلّمون به السُوقة والأوساط ، ويكلّمون المحبّ بغير ما يكلّمون به الخصم اللدود ، ويكلّمون الضالَّ الطالب للحقّ بغير ما يكلّمون به المتعنِّت اللَجوج .
فالكلام الّذي يليق بحثّ الناس على قتال الكفرة الطغام يختلف عمّا هو لترغيبهم على العفو والحلم عن الجاهلين ؛ ومقام التزهيد في الدنيا والتنبيه على غرورها وفتنِها ، يختلف عن مقام الترغيب على العمل وابتغاء متطلّبات الحياة والتوسعة على العيال . ومقام التحليق

1.قال التفتازاني في شرح هذا الكلام : «المُراد بالحال : الأمر الداعي إلى التكلّم على وجه مخصوص؛ أي إلى أن يعتبر مع الكلام ـ الّذي يؤدّي به أصل المعنى ـ خصوصية ما ، وهو مقتضى الحال . مثلاً كون المُخاطب منكرا للحكم حال يقتضي تأكيده والتأكيد مقتضاها ، ومعنى مطابقته له أنّ الحال إن اقتضى التأكيد كان الكلام مؤكّدا ، وإن اقتضى الإطلاق كان عاريا عن التأكيد ، وهكذا إن اقتضى حذف المسند إليه حذف، وإن اقتضى ذكره ذكر، إلى غير ذلك من التفاصيل» (المطوّل في شرح تلخيص المفتاح : ص۲۵ ) .


اسباب اختلاف الحديث
336

لحمايته صلى الله عليه و آله والذبّ عنه ، قائلاً بصدقه مصدِّقا بدينه ـ من الإيمان به وبدينه صلى الله عليه و آله ؟!
لكنّها فِريةٌ من أعداء أبي طالب وبنيه عليهم السلام ، يزعمون بها كفره ودخوله النار . اللّهم إنّي بريء منها ، مبتهلاً إليك أن تدخلني فيما أدخلت فيه سيّدنا أبا طالب عليه السلام ، إذا فلا أسألك شفاعة أحد من أوليائك صلواتك عليهم أجمعين .
فياعجبا ، هذا أبو طالب الذي لم يدَّخر جهدا دون الذبّ عن الرسول الحبيب ، وفي سبيل إعلاء دينه ، يعدّ كافرا مستحقّا للنار ! وذاك أبو سفيان الذي لم يدَّخر جهدا في عداء النبي صلى الله عليه و آله وشقاقه وإيذائه ، حتّى أظهره اللّه عليه فأظهر الإسلام قائلاً : «وفي النفس بعدُ شيء » ، فلم يزده الإسلام شيئا لا قليلاً ولا كثيرا ، ولم يرجع عن نيّته من هدم الدين بنفسه وبنيه ، فمع هذا كلّه يُعدّ من المؤمنين المستحقّين للجنّة ولجوار النبي صلى الله عليه و آله بصحبته !
ولقد ألّف عدّد من كبار علماء الفريقين كتبا في إيمان أبيطالب عليه السلام ، منها : إيمان أبي طالب لشيخنا المفيد و إيمان أبي طالب لفخّار بن معدّ ، و إيمان أبي طالب للشيخ عبد الحسين الأميني ، و أبو طالب حامي الرسول وناصره لنجم الدين العسكري ، وغيرها.

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230399
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي