347
اسباب اختلاف الحديث

السبب السادس والأربعون : تكليم المخاطبين على قدر عقولهم

«الإنسان بعقله» ۱ ، و «دعامة الإنسان العقل» ۲ ، و «بقدر عقله تكون عبادته لربّه» ۳ . والعقل ملاك التكليف ، فاللّه تعالى يكلّف العبد على قدر عقله واستطاعته الّتي من دعائمها العقل .
فلذلك أمر اللّه تعالى أنبياءه وحججه صلوات اللّه عليهم أن يكلّموا الناس على قدر عقولهم . فكان من سيرة النبيّ الكريم صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام أن يكلّموا المخاطبين على قدر ما آتاهم اللّه تعالى من العقل .
لكنّ هذا الأمر قد يسبّب اختلافا بين الأحاديث الصادرة عن بيت العصمة والحكمة بمقتضى اختلاف الناس وتفاضلهم في العقول .
ففي جواب سؤال واحد قد يجيبون الواحد بغير ما يجيبون به الآخر ، بل قد يجيبون بوجوه عديدة ، كما سيأتي بعض أمثلته .
ومن العجيب أنّه ربما يسألهم سائل عن معنى حديث، فيقرّرون له ظاهر ما فيه من المعنى الصعب الثقيل ، ثمّ يسألهم آخر فيؤوّلونه ببعض التأويلات السهلة حسب استطاعته العقلية ، لئلاّ يخرج من الدين باستيحاشه من بعض الحقائق الثقيلة .
وأعجب من ذلك أنّهم قد لا يجدون لبعض الأحاديث الصعبة المستصعبة تأويلاً يتحمّله

1.غرر الحكم: ح۲۳۰ عن الإمام عليّ عليه السلام .

2.الكافي: ج۱ ص۲۵ ح۲۳ عن الإمام الصادق عليه السلام .

3.كنز الفوائد: ج۲ ص۳۱ ، الفردوس : ج۳ ص۳۳۳ ح۴۹۹۹ كلاهما عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وليس في الأخير «لربّه » .


اسباب اختلاف الحديث
346

محمّد الهمداني ـ وكان معنا حاجّا ـ قال :كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام على يدي أبي : جعلت فداك إنَّ أصحابنا اختلفوا في الصاع؛ بعضهم يقول : الفطرة بصاع المدني، وبعضهم يقول : بصاع العراقي ؟ قال : فكتب إليّ : الصاع بستّة أرطال بالمدني، وتسعة أرطال بالعراقي . قال : وأخبرني أنّه يكون بالوزن ألفا ومئة وسبعين وزنة . 1

أقول : المراد بالوزنة وزنة درهم كما جاء في بعض الأحاديث ، ۲ وقال الطريحي في بيان معنى الوزنة : «وزنة: أي مرّة بالوزن، يعني درهما ، فيكون منصوبا على التمييز » ۳ .
د ـ ما دلّ على كون الرطل المكّي نصف الرطل العراقي ، ذكر ذلك أهل اللغة كالطريحي، قال : «والرطل العراقي عبارة عن مئة وثلاثين درهما ، والرطل المدني عبارة عن رطل ونصف بالعراقي ؛ فيكون مئة وخمسة وتسعين درهما ، والرطل المكّي عبارة عن رطلين بالعراقي» (مجمع البحرين : ج2 ص709 «رطل» ) . والفقهاء كالشيخ الطوسي قدس سره .
قال شيخ الطائفة قدس سره ـ ذيل الحديث الثاني وقوله عليه السلام : «والكرّ ستّ مئة رطل» بعد البناء على ترجيح كون الكرّ ألفا ومئتي رطل عراقي ـ ما هذا لفظه : «وجه الترجيح بهذا الخبر في اعتبار الأرطال العراقية أن يكون المُراد به رطل مكّة؛ لأنّه رطلان ، ولا يمتنع أن يكونوا عليهم السلام أفتوا السائل على عادة بلده؛ لأنّه لا يجوز أن يكون المُراد به أرطال أهل العراق ولا أرطال أهل المدينة ـ إلى أن قال : ـ وأمّا ما رجّح به من عادتهم من حيث كانوا عليهم السلام من أهل المدينة ، فليس في ذلك ترجيح لأنّهم كانوا يفتون بالمتعارف من عادة السائل وعرفه ، ولأجل ذلك اعتبرنا في اعتبار أرطال الصاع بتسعة أرطال بالعراقي، وذلك خلاف عادتهم، وكذلك الخبر الّذي تكلّمنا عليه من اعتبارهم بستّ مئة رطل إنّما ذلك اعتبار لعادة أهل مكّة ، فهم عليهم السلام كانوا يعتبرون عادة سائر البلاد حسب ما يسألون عنه» ۴ .

1.الكافي: ج۴ ص۱۷۲ ح۹ ، تهذيب الأحكام : ج۴ ص۸۳ ح۲۴۳ ، وسائل الشيعة: ج۹ ص۳۴۰ ح۱۲۱۷۹ .

2.راجع وسائل الشيعة : ج۹ ص۳۴۲ ح۱۲۱۸۲ .

3.مجمع البحرين : ج۲ ص۶۴۶ .

4.الاستبصار: ج۱ ص۱۱ ـ ۱۲ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254250
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي