السائل فكانوا يظهرون الإنكار بنحو من التورية والتعريض، أو ينكرون أصل صدور ذلك الحديث بإطلاق اُريد به التقييد ، كأن يقصدوا بإنكار صدوره أنّه لم يصدر هذا الحديث المذكور ـ بحقيقته الصعبة أو تكليفه الصعب ـ لمثل هذا السائل ، أو يقصدوا به عدمَ صدور المعنى الّذي يقصده السائل .
وسيوافيك الكلام في كيفية إعمال العقل ـ كملاك ـ في دراية الحديث .
المثال الأوّل : الصلة بين حبّ أهل البيت عليهم السلام وبين الفقر
۳۵۳.قد ورد عن النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام أحاديث مفيدة لهذا المضمون المرويّ عن أمير المؤمنين عليه السلام :«من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» ۱ .
ووردت أحاديث مستفيضة تفسرّ مفاد هذا الحديث بوجهين مختلفين، منها :
۳۵۴.۱ . ما رواه الصدوق قدس سره بإسناده عن أحمد بن المبارك ، قال : قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السلام :حديث يروى «أنَّ رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي أُحبّك . فقال له : أعدّ للفقر جلبابا»؟ فقال عليه السلام : ليس هكذا قال ، إنَّما قال له : أعددت لفاقتك جلبابا، يعني يوم القيامة . ۲
۳۵۵.۲ . روى ابن حنبل والبيهقيبإسنادهما عن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، أنَّه شكا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله حاجته، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اصبر أبا سعيد ، فإنَّ الفقر إلى من يحبّني منكم أسرع من السيل من ۳ أعلى الوادي ، ومن أعلى الجبل إلى أسفله . ۴
أقول : قد وردت روايات عديدة تؤيّد الحديث الثاني، ۵ لكنّ الشاهد على مضمون الحديث الأوّل غير عزيز .
1.نهج البلاغة: الحكمة ۱۱۲ ، الأمالي للسيّد المرتضى: ج۱ ص۱۳ وفيه «فليُعدّ» بدل «فليستعدّ » .
2.معاني الأخبار: ص۱۸۲ ح۱ .
3.في المصدر : «على » ، والتصحيح من كنز العمّال (ج ۶ ص ۴۸۳ ح ۱۶۶۴۵) ومجمع الزوائد (ج ۱۰ ص ۲۷۴) نقلاً عن المصدر .
4.مسند ابن حنبل: ج۴ ص۸۵ ح۱۱۳۷۹ ، شعب الإيمان: ج۷ ص۳۱۸ ح۱۰۴۴۲ .
5.راجع أهل البيت في الكتاب والسنّة : ص۴۲۳ ـ ۴۲۶ .