355
اسباب اختلاف الحديث

بعدم صدوره ، وعدم التسرّع إلى إنكار ما روي عنهم عليهم السلام بِصرف الاستبعاد ؛ فإنَّ تكذيب ما صدر عنهم عليهم السلام لايقِلّ عن الكذب عليهم . ۱
هذا كلّه في مورد تصرّف العقل في النصوص المعتبرة بعد انعقاد دلالتها . وأمّا تصرّفه فيها كقرينة ـ صارفة أو معيِّنة ـ متّصلةٍ لها دخل في انعقاد ظهورها فأسهل من ذلك بمراتب ؛ لأنّ الكلام في ذلك تابع لانعقاد الدلالة والظهور بعد إعمال ما له مدخلية في ذلك عرفا .

1.وذلك لما جاء في سورة يونس: ۳۹ ، بحار الأنوار: ج۲ ص۷۷ ح۶۰ و ص۱۶۴ ح۲۴ و ص۲۱۱ ح۱۱۰ و ص۲۱۲ ح۱۱۱ و ۱۱۳ و ۱۱۴ و ۱۱۶ ، كنز العمّال : ج۱۰ ص۲۳۰ ح۲۹۲۱۴ ح۲۹۰۱۱ و ۲۹۲۱۶ .


اسباب اختلاف الحديث
354

مراتبهم في العقل، وتفاوت مستواهم في العلم والثقافة ، فلتكن معارفه وحِكَمه بصفة يجد فيها كلّ مكلّف ضالّته وبغيته . وعدم تحمّل بُسَطاء الناس ـ بل أوساط الخواصّ والمثقَّفين ـ لايبرِّر حرمان الأوتاد والأبدال ومَن دونهم من الكُمَّل عن الحقائق الناصعة والمعارف الراقية اللائقة بهم . فكان من اللازم أن يأتي هذا الدين الرفيع بمعارف عالية وتعاليم راقية، تُلقى بلسان يأخذ كلّ ذي حظّ حظّه، ويهتدي به كلّ ذي فضل بما يليق به ۱ . وطبيعة تلك البيانات الراقية تقتضي اشتمالها على أساليب مناسبة لشأنها .
فإن وقعت شذراتٌ من جواهر تلك المعارف ولآلئ حِكَمها الراقية ـ عند من لا أهلية له لتحمّلها فلم تستطع أبصار عقولهم النظر فيها ، وصعب عليهم تحمّلها ، فعليهم ترك التسرّع إلى إنكارها ، كما لا يجب عليهم قبولها ما لم تتبيّن لهم صحّتها .
الثاني : لا ريب أنَّ العقل من أهمّ الاُسس في تمييز السُنّة من البدعة ، لكن يجب التمييز بين حكم العقل وبين ما يُتوهّم كونه من العقل ، فربّما يوضَع استبعادُ الجاهل وعدم استيناسه بشيء موضعَ حكم العقل بإنكاره ، فيزعم أنصعَ الحقائق ـ عند أهله ـ مخالفا لحكم العقل . ۲
الثالث : إنَّ الناس أعداء ما جهلوا» ۳ ، وأنَّ «أكثر الحقّ فيما تنكرون» ، على حدّ التعبير المرويّ عن أمير المؤمنين عليه السلام . ۴ فيجب التورّع والاجتناب عن إنكار ما لم يحصل القطع

1.فلذلك صار من صفة هذه الشريعة الكاملة الخالدة أنّه تعالى : « أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةُ بِقَدَرِهَا » (الرعد : ۱۷ ) . وروي عن الإمام الصادق عليه السلام : «كتاب اللّه عز و جل على أربعة أشياء؛ على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق ، فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء» (الدرّة الباهرة : ص۳۱ ، بحار الأنوار: ج۹۲ ص۱۰۳ ح۸۱ ) .

2.فمن اللازم في معالجة النقل بالعقل ملاحظة نقاط : أ ـ أنَّ ردّ الحديث أمر لايقوم به إلاّ الخبراء وجهابذة العلماء . ب ـ لزوم الاحتياط في طرح الحديث والاكتفاء بما خالف المحكمات والقطعيات العقلية والنقلية ، دون المظنونات والمستبعدات . ج ـ ملاحظة أنَّ حكم العقل القطعي الّذي يطرح به الحديث هو ما لو سمع خلافه من المعصوم عليه السلام لمباشرة ـ على فرض المحال ـ لم تكن تستطيع قبوله ، دون ما لاتركن إليه النفس اعتمادا على محض الاستبعاد وعدم الاستئناس به .

3.نهج البلاغة: الحكمة ۴۳۸ و۱۷۲ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۸۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254415
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي