359
اسباب اختلاف الحديث

المثال الأوّل : أنّ الريح من نفس الرحمن

۳۶۱.۱ .لا تسبّوا الريح ؛ فإنّها من نفس الرحمن . ۱

۳۶۲.۲ . وروي :إني لأجد نفس ربكم من قبل اليمن . ۲

۳۶۳.۳ . الشريف الرضي قدس سرهوالكلينيعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :كلّ معروف بنفسه مصنوع، وكلّ قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلة ، مقدّر لابجول فكرة ، غنيّ لا باستفادة ، لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدمَ وجوده ، والابتداءَ أزله . بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبمضادّته بين الاُمور عرف أن لا ضدّ له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له . . . . ۳

بيان : الظاهر أنّ المراد بقوله عليه السلام : «كلّ معروف بنفسه» ، كلّ ما يُعرَف بكنهه وحقيقته .

۳۶۴.۴ . روى الصدوق بإسناده عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهماالسلام، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا تسبّوا الرياح، فإنّها مأمورة . ۴

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل ينسب إليه تعالى «النَفَس» ، ويدلّ على أنَّ الريح من نفسه ؛ مع دلالة الحديث الثالث بالدلالة الالتزامية على حدوث الرياح وكونها مخلوقة . كما أنّ الحديث الثاني دالّ على كونه تعالى صمدا غنيّا في ذاته بذاته منزّها عن الافتقار إلى الأدوات والآلات ، وإلى أيّ شيء . بل ويدلّ على أنَّ كلّ شيء محتاج إلى غيره مصنوع، وتعالى اللّه ربّنا عن ذلك علوّا كبيرا . كما يدل الحديث الرابع على أن الرياح من جنود الرحمن، وممّا يقوم بأمر اللّه تعالى . فالاختلاف بين هذه الأحاديث واضح جدّا .

1.تأويل اختلاف الحديث لابن قتيبة : ص۱۳۰ .

2.نفس المصدر السابق : ص۳۰۷ .

3.نهج البلاغة: الخطبة ۱۸۶ ، الكافي: ج۱ ص۱۳۸ ح۴ نحوه .

4.علل الشرائع: ص۵۷۷ ح۱ ، كتاب من لايحضره الفقيه : ج۱ ص۵۴۴ ح۱۵۲۰ ، بحار الأنوار: ج۶۰ ص۹ ح۸ .


اسباب اختلاف الحديث
358

السبب السابع والأربعون : الاشتراك اللفظي

المشترك: هو اللفظ الدالّ على معنيين مختلفين أو أكثر، دلالة على السواء عند أهل اللغة . فقد يوضع لفظ واحد بإزاء معنيين أو أكثر، ثمّ يصير أحدهما أظهر من الآخر في زمان صدور الحديث أو بعده ، فيُتوهّم استعماله فيه مع كونه مستعملاً في المعنى الآخر ، فيقع التنافي بين ظاهر هذا الحديث وحديث آخر .
وأمّا سبب ظهوره في أحد المعنيين المشتركين فهو إمّا لأجل غلبة استعماله في أحدهما في عرف دون آخر ، أو في زمان دون زمان ، أو لوجود قرينة ضاعت بعد ذلك ، أو غير ذلك .
فإن قلت : من شروط استعمال اللفظ المشترك نصب قرينة معيّنة ، وعليه فلا يعقل التعارض بينهما .
قلت : يحتمل عدم نقل القرينة المعيِّنة، أو كون بعض المعاني أشهر في بعض الأعراف ، أو صيرورة اللفظ أشهر في أحد المعنيين ، فيحتاج إلى قرينة قويّة صارفة بعد ما كانا متساويين في وقت صدور الحديث، فيكفي لترجيح أحدهما وجود قرينة معيِّنة .
تنبيه: قبل ذكر المثال ينبغي التمييز بين الاشتراك اللفظي ـ الذي نحن فيه ـ وبين الاشتراك المعنوي لأنّهما سببان من أسباب الاختلاف ، فنقول : «الاشتراك» هو اشتمال اللفظ على معنيين أو أكثر بحسب الوضع ، فإن كان اللفظ قد وضع بإزاء كلّ واحد منهما بوضع مستقلّ فالاشتراك لفظي ، وإن وضع مرّة واحدة بإزاء معنى جامع يعمّ المعنيين فالاشتراك معنوي . ۱

1.لا يخفى أنَّ شرط الاشتراك اللفظي هو تعدّد الوضع ، لا عدم وجود أيّة مناسبة وصلة بين المعنيين . وبعبارة اُخرى عدم لحاظ المناسبة بين المعنيين في مقام الاستعمال من شروط الاشتراك اللفظي ومن مميِّزاته عن المجاز ، وأمّا وجود مناسبة بين المعنيين فلا يمنع من وضع اللفظ بإزائهما ليكون مشتركا بينهما ، لإمكان كون اللفظ قبل الوضع في أحد المعنيين مستعملاً فيه بالعناية والتوسّع ثمّ صار حقيقة فيه بكثرة الاستعمال .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254091
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي