363
اسباب اختلاف الحديث

الرسول صلى الله عليه و آله أكرم من أن يقرأ القرآن على اُمّته قبل أن يُقضى إليه وحيه ويتقن ضبطه ، كما أنّه صلى الله عليه و آله أجلّ من أن يبيّن للناس ما لم يُبيِّن له ربّه تبارك وتعالى مع علمه صلى الله عليه و آله بأنَّ على اللّه تعالى جمعَه وقرآنَه ، ثمّ إنّ عليه بيانَه .
ج ـ وأمّا قوله : «هذا التأويل لا يجوز عند من يعرف اللغة ومخارج كلام العرب؛ لأنَّ هذا ليس موضع تكثير لما يسرق السارق ... » ، فيرد عليه أوّلاً: أنَّ مثل هذا التأويل قد صرّح به عدّة ممّن هم أعرف منه بمخارج كلام العرب . مضافا إلى إمكان صدور هذا الحديث عقيب وقوع سرقة بيضة حديد مثلاً . وثالثا: أنّ بيضة حديد تساوي ربع دينار لا يُقاس بالنفس الإنسانية وأجزائها ، فإنّ الإنسان أرفع قدرا وأغلى ثمنا من أن يبيع نفسه بالدنيا وما فيها ، فضلاً عن بيعها بربع دينار الّذي يراه هذا القائل كثيرا .
د ـ أنَّ هذا التأويل لو سلّمنا كونه تأويلاً فإنّه لا يزيد عن كونه خلافا للظاهر ، مع أنّ ابن قتيبة ذكر تأويل أحاديث كثيرة جدّا بوجوه بعيدة، ولم يبالِ من مخالفتها للظواهر ، فهل تجرّ باؤه ولا تجرّ باء غيره ؟!


اسباب اختلاف الحديث
362

عادة العرب والعجم أن يقولوا قبّح اللّه فلانا فإنّه عرّض نفسه للضرب في عقد جوهر ، وتعرّض لعقوبة الغلول في جراب مسك» ۱ .
أقول : كلام ابن قتيبة بمكان من الوهن والعجب من صدوره عن مثله . ومحالّ ضعف هذا التأويل وإن كان أوضح من أن يحتاج إلى النقاش والتفنيد ، غير أنّ هفوات المشاهير والكبار قد توجب الزلل والضلال . هذا وإن لم يكن بنائي في هذا التأليف على تعقيب أقوال الآخرين والتعليق عليها، لكن بما أنَّ هذا التأويل يمسّ بكرامة النبيّ صلى الله عليه و آله لذلك يجب ردّه والذبّ عن النبي صلى الله عليه و آله ، فأقول مستعصما باللّه تعالى :
أ ـ كيف يجترئ أحد أن يتفوّه بهذا المقال فيقول : «لمّا نزلت آية قطع يد السارق قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لعن اللّه السارق، يسرق البيضة فتقطع يده على ظاهر ما أنزل اللّه تعالى عليه في ذلك ، ثمّ أعلمه اللّه تعالى أنَّ القطع لا يكون إلاّ في ربع دينار» ؟! فهل يتكلّم النبيّ صلى الله عليه و آله في أحكام الشريعة أو في شيء يرجع إلى شؤون دينه مع عدم علمه بحقيقته ، واللّه سبحانه يقول : « وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى »۲ ؟! فإن دار الأمر بين إسناد اتّباع الهوى إلى أشرف النبيّين صلى الله عليه و آله أو إلى بعض المتقوّلين، فهم أولى بذلك .
ب ـ كيف يُنزِّلون مكانة الرسالة الختمية وصاحبها حتّى آل الأمر إلى إسناد مثل هذه الأعاجيب إليه صلى الله عليه و آله ، واللّه تعالى يقول : « لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَ قُرْءَانَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَـهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ »۳ .
ويقول عزّ من قائل : « فَتَعَــلَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَ لاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْمًا »۴ .
وكذا يقول سبحانه : « وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ »۵ . فلا ريب أنّ

1.تأويل مختلف الحديث : ص۱۱۴ ح۳۳ .

2.النجم : ۳ و ۴ .

3.القيامة: ۱۶ ـ ۱۹ .

4.طه: ۱۱۴ .

5.النحل: ۴۴ ونحوه الآية: ۶۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254131
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي