365
اسباب اختلاف الحديث

علاج الاختلاف :

بحمل الحديث الثاني على أحد معانيه في اللغة أعني الثبوت والوقوع ، لا وجوب البيع ولزومه ـ كقوله تعالى : «وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِاللّه لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّه عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها»۱ حيث استعملت كلمة «وجبت» بمعنى وقعت وثبتت ـ ؛ لأنّ من طبيعة البيع اشتماله على مقدّمات كالمقاولة و المساومة ، فإذا اتّفقا على خصوصيّات البيع وحصل التراضي وإنشاء الإيجاب والقبول إما بالصيغة المخصوصة أو بالمعاطاة أو ما يقوم مقامهما فقد حصل ووقع البيع .
ولقد أجاد شيخ الطائفة حيث حمله على إفادة الملك قبل الافتراق وإن جاز الفسخ قبله . وأمّا حمله الافتراق على البعيد فبعيد جدّا ، ۲ كما أنّ حمل المحدّث العاملي للحديث على اشتراط السقوط ۳ كذلك .
هذا كلّه إذا قلنا بكون الوجوب في مورد الحديث الأوّل بمعنى وجوب البيع ولزومه لا بمعنى وجوب الوفاء به ، وإلاّ فيصير من مثال الاختلاف بالحقيقة الشرعية واللغوية .

المثال الثاني : معنى فساد ماء البئر التي لها مادّة

۳۷۳.۱ . الشيخ الطوسي بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، عن الرضا عليه السلام ، قال :ماء البئر واسع لا يفسده شيء ، إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه فينزحُ منه حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه ؛ لأنَّ له مادّة . ۴

۳۷۴.۲ . الكليني والشيخ بإسنادهما عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به ، فتيمم بالصعيد؛ فإنَّ ربّ الماء وربّ

1.الحجّ : ۳۶ .

2.تهذيب الأحكام : ج۷ ص۲۰ ، الاستبصار : ج۳ ص۷۳ .

3.وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۷ .

4.الاستبصار : ج۱ ص۳۳ ح۸۷ ، تهذيب الأحكام : ج۱ ص۲۳۴ ح۶۷۶ وفيه «لاينجّسه» بدل «لايفسده» .


اسباب اختلاف الحديث
364

السبب الثامن والأربعون : الاشتراك المعنوي

تقدّم في البحث السابق أنّ الاشتراك المعنوي عبارة عن كون اللفظ ذا معنيين لهما جامع، وضع اللفظ بإزاء هذا الجامع ، فيستعمل في كلّ واحد منهما على حدة . فهذا اللفظ قد يستعمل في أحد المعنيين، ثمّ يصير ظاهرا في المعنى الثاني، أو يتوهّم السامع كونه ظاهرا فيه ، فيقع التنافي والاختلاف الظاهري بين الحديث المشتمل على هذا اللفظ وبين غيره . وقد تقدّم بعض ما يوضح هذا البحث في البحث السابق .

المثال الأوّل : معنى وجوب البيع في خيار المجلس

۳۷۱.۱ . الكليني والشيخ الطوسيوالصدوق بأسانيدهم عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال :قال : أيّما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى يفترقا ، فإذا افترقا وجب البيع . ۱

۳۷۲.۲ . الشيخ بإسناده عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام ، قال : قال عليّ عليه السلام :إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب وإن لم يفترقا . ۲

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديث الأوّل على عدم لزوم البيع قبل افتراق المتبايعين ، فإذا تبايع الرجلان ولم يفترقا فلكلّ منهما الخيار . ويدلّ الحديث الثاني على لزوم البيع بعد التصفيق ـ الّذي هو كناية عن تمامية البيع ـ وإن لم يفترق المتبايعان ، فالحديثان في طرفي النقيض .

1.الكافي : ج۵ ص۱۷۰ ح۷ ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۶ ح۲۳۰۱۴ .

2.تهذيب الأحكام : ج۷ ص۲۰ ح۸۷ ، الاستبصار : ج۳ ص۷۳ ح۲۴۲ ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۷ ح۲۳۰۱۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233351
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي