381
اسباب اختلاف الحديث

علاج الاختلاف :

بحمل ما ـ دلّ على كون الإيمان هو العمل ـ على المجاز، ۱ بعلاقة «اللزوم» ، فإنّ الإيمان إذا كان معرفة وتصديقا والتزاما بالقلب حقيقة ، فلا محالة يكون له آثار وعلائم تظهر في العمل؛ وذلك لما ورد : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا» ۲ .
والداعي لهذا المقدار من التأكيد ـ أعني التعبير عن شرط الشيء بنفس الشيء ـ مواجهة المرجئة في تفريطهم وقولهم بأنّ الإيمان قول وإقرار بالشهادتين بلا عمل ۳ . فإنّ هذه العقيدة المنحوسة الّتي هي من بدع بني اُميّة لو كانت تستقرّ في نفوس المسلمين لانجرّت بهم إلى الإباحية المحضة الأمويّة، وإضاعة الصلاة، واتّباع الشهوات، والخروج عن رِبَق الإيمان كلّها . ومحلّ التفصيل في ذلك علم الكلام .

المثال الرابع : تأويل الحاجة التي قد تسند إليه تعالى

۳۹۶.۱ . الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم أن رجلاً سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللّه تبارك وتعالى، له رضى وسخط؟ قال:نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين؛ وذلك لأنّ الرضا والغضب دخّال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، معتمل ۴ مركّب، للأشياء فيه مدخل ،

1.وأمّا التعبير عن الشرط واللازم القطعي للشيء بالبعض والجزء فمن باب المجاز المفرد بالاستعارة؛ لأنّه استُعير باللفظ الموضوع للجزء الداخلي لما هو جزء خارجي .

2.الكافي: ج۱ ص۶۹ ح۱ ، وأيضا ورد عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «إنّ لكلّ حقّ حقيقة» (راجع روضة الواعظين : ص۴۱۴ ) .

3.راجع كنز العمّال: ج۱ ص۱۳۵ ح۶۳۶ ، ميزان الحكمة : ج۱ ص۱۹۳ ح۱۲۹۲ .

4.في الكافي هكذا : «فتنقله من حال إلى حال؛ لأنّ المخلوق أجوف معتمل» بدل: «فينقله من حالٍ إلى حال معتمل . . . » . وهو الظاهر . والحاصل أنّ عروض تلك الأحوال والتغيّرات إنّما يكون لمخلوق أجوف له قابلية ما يحصل فيه ويدخله ، معتمل يعمل بأعمال صفاته وآلاته ، مركّب من اُمور مختلفة وجهات مختلفة للأشياء من الصفات والجهات والآلات فيه مدخل ، وخالقنا تبارك اسمه لا مدخل للأشياء فيه؛ لاستحالة التركيب في ذاته ، فإنّه أحديّ الذات وأحديّ المعنى، فإذن لاكثرة فيه لا في ذاته ولا في صفاته الحقيقية ، وإنّما الاختلاف في الفعل، فيثيب عند الرضا، ويعاقب عند السخط . قال السيّد الداماد رحمه الله : «المخلوق أجوف؛ لما قد برهن واستبان في حكمة ما فوق الطبيعة أنّ كلّ ممكن زوج تركيبي ، وكلّ مركّب مزدوج الحقيقة فإنّه أجوف الذات لامحالة ، فما لاجوف لذاته على الحقيقة هو الأحد الحقّ سبحانه لا غير ، فإذن الصمد الحقّ ليس هو إلاّ الذات الأحدية الحقّة من كلّ جهة ، فقد تصحح من هذا الحديث الشريف تأويل الصمد بما لا جوف له، وما لامدخل لمفهوم من المفهومات وشيء من الأشياء في ذاته أصلاً» .


اسباب اختلاف الحديث
380

والقول بعض ذلك العمل ، بفرض من اللّه بين في كتابه ، واضح نوره ، ثابتة حجّته ، يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه . ۱

۳۹۳.۲ . عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلامقال:الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل . ۲

۳۹۴.۳ . الصدوق بإسناده عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ليس الايمان بالتحلّي ولا بالتمنّي، ولكنّ الإيمان ما خلص في القلب وصدّقه الأعمال . ۳

۳۹۵.۴ . الكليني بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبيعبد اللّه عليه السلام ، قال :سألته عن الإيمان، فقال: شهادة أن لا إله إلا اللّه (وأنّ محمّداً رسول اللّه ) والإقرار بما جاء من عند اللّه وما استقرّ في القلوب من التصديق بذلك . قال: قلت: الشهادة، أليست عملاً ؟ قال: بلى . قلت: العمل من الإيمان ؟ قال: نعم، الإيمان لا يكون إلاّ بعمل، والعمل منه، ولا يثبت الإيمان إلاّ بعمل . ۴

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديث الأوّل على أنّ الإيمان كلّه العمل، وأنّه عين العمل ، ويدلّ الحديث الثاني ـ كالأحاديث المستفيض إجمالاً ـ على كونه جزء العمل، وأنّ العمل بعض الإيمان . مع أنّ الحديثين الأخيرين ـ كغيرهما من الأحاديث المستفيضة والآيات ـ يدلاّن على كون الإيمان هو التصديق بالجنان، وأنّه عمل القلب ، وأنّ الإقرار باللسان والعمل بالجوارح شرطه ، فهي مختلفة في كون العمل عين الإيمان أو بعضه ، أو شرطه، والعلامة على وجوده وعدمه .

1.الكافي: ج۲ ص۳۳ ح۱ و ص۳۸ ح۷ ، ورواه بنحوٍ مفصّل بإسناد آخر عن حمّاد بن عمرو النصيبي ، والظاهر اتّحاده مع أبي عمرو .

2.الكافي: ج۲ ص۲۴ ح۲ .

3.معاني الأخبار: ص۱۸۷ ح۳ ، عوالي اللآلي: ج۱ ص۲۴۸ ح۴ نحوه .

4.الكافي: ج۲ ص۳۸ ح۳ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233360
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي