العلاج الثبوتي والعلاج الإثباتي
لمّا كان العلاج الثبوتي غير مستخدم في علوم الفقه والكلام ـ بل وسائر العلوم الّتي لابدّ من إحراز أحكام مسائلها والإذعان بها في مقام العمل أو البناء العلمي ـ لم يعرف كثير من الفضلاء فضلاً عمّن دونهم حقيقة هذين الطريقين للعلاج والفرق بينهما ومقتضى كلّ واحد منهما . بل يتصوّرون أنّ طريق علاج التعارض والتنافي بين المختلفات منحصر في الطريق المبحوث عنه في مبحث تعارض الأدلّة من اُصول الفقه .
ولأهمّيتهما وشدّة الحاجة إليهما في علم الحديث ـ وخصوصا في مختلف الحديث ـ سنتكلّم هنا عن هذين المصطلحين ونوضح بعض جوانبهما .
تعريف العلاج الإثباتي
العلاج الإثباتي: هو استخدام الطرق الّتي يمكن إثباتها والتصديق بمؤدّاها، والبناء عليه في مقام العلم والعمل ، في التعرّف على واقع ما عليه الحديثان المختلفان .
ومن لوازم هذا العلاج: إمكان البرهنة والاستدلال عليه، والذبّ عنه بوجه مقبول يساعده العرف . ومن البيّن أنّ عدم إمكان الاستدلال على شيء وعدم توفّر الدليل على إثباته لايساوق بطلان وانتفاء ذاك الشيء في نفس الأمر ومقام الثبوت ، فرُبّ حقيقة لانجد طريقا لإثباتها وإقامة البرهان عليها ، ورُبّ شيء نحتمله ولا نجد طريق البرهنة عليه . ألا ترى أنّ المدّعين في المحاكم كثيرا ما يدّعون حقّا ولكن عدم وجدان البرهان والبيّنة المثبِتة لدعواهم كثيرا ما يوجب صدور الحكم لصالح المنكر ، و بالعكس فربما يتعمّد المدّعي بدعوى باطلة أو يلتبس عليه الواقع ويقيم البيّنة عليه فيُحكَم له على المنكر البريء .
تعريف العلاج الثبوتي
وبهذا البيان اتّضح المراد بالعلاج الثبوتي أيضا ، فإنّه عبارة عن لحاظ كلّ وجه يمكن أن يكون عليه الحديثان المختلفان في مقام الثبوت ونفس الأمر سواء أمكن إثباته وإقامة البرهان عليه أم لم يمكن .