39
اسباب اختلاف الحديث

العلاج الثبوتي والعلاج الإثباتي

لمّا كان العلاج الثبوتي غير مستخدم في علوم الفقه والكلام ـ بل وسائر العلوم الّتي لابدّ من إحراز أحكام مسائلها والإذعان بها في مقام العمل أو البناء العلمي ـ لم يعرف كثير من الفضلاء فضلاً عمّن دونهم حقيقة هذين الطريقين للعلاج والفرق بينهما ومقتضى كلّ واحد منهما . بل يتصوّرون أنّ طريق علاج التعارض والتنافي بين المختلفات منحصر في الطريق المبحوث عنه في مبحث تعارض الأدلّة من اُصول الفقه .
ولأهمّيتهما وشدّة الحاجة إليهما في علم الحديث ـ وخصوصا في مختلف الحديث ـ سنتكلّم هنا عن هذين المصطلحين ونوضح بعض جوانبهما .

تعريف العلاج الإثباتي

العلاج الإثباتي: هو استخدام الطرق الّتي يمكن إثباتها والتصديق بمؤدّاها، والبناء عليه في مقام العلم والعمل ، في التعرّف على واقع ما عليه الحديثان المختلفان .
ومن لوازم هذا العلاج: إمكان البرهنة والاستدلال عليه، والذبّ عنه بوجه مقبول يساعده العرف . ومن البيّن أنّ عدم إمكان الاستدلال على شيء وعدم توفّر الدليل على إثباته لايساوق بطلان وانتفاء ذاك الشيء في نفس الأمر ومقام الثبوت ، فرُبّ حقيقة لانجد طريقا لإثباتها وإقامة البرهان عليها ، ورُبّ شيء نحتمله ولا نجد طريق البرهنة عليه . ألا ترى أنّ المدّعين في المحاكم كثيرا ما يدّعون حقّا ولكن عدم وجدان البرهان والبيّنة المثبِتة لدعواهم كثيرا ما يوجب صدور الحكم لصالح المنكر ، و بالعكس فربما يتعمّد المدّعي بدعوى باطلة أو يلتبس عليه الواقع ويقيم البيّنة عليه فيُحكَم له على المنكر البريء .

تعريف العلاج الثبوتي

وبهذا البيان اتّضح المراد بالعلاج الثبوتي أيضا ، فإنّه عبارة عن لحاظ كلّ وجه يمكن أن يكون عليه الحديثان المختلفان في مقام الثبوت ونفس الأمر سواء أمكن إثباته وإقامة البرهان عليه أم لم يمكن .


اسباب اختلاف الحديث
38

هذا ؛ مضافا إلى الأحاديث العديدة ـ المتواتر بعضها، والمستفيض بعضها الآخر من طريق الفريقين ـ الدالّة على عصمتهم، ووجوب التمسّك بهم، والاعتصام بعروتهم الوثقى ، كحديث الثقلين ، ۱ والسفينة ، ۲ والمنزلة ، ۳ ونجوم الأرض ، ۴ وغيرها الدالّة على عصمتهم . ۵
فأهل بيتٍ هذه عصمتهم، وهذا حديث فضلهم، يستحيل أن يقع في كلامهم الاختلاف الناشئ عن الجهل بالحكم، أو الكذب وقلّة الورع، أو ما إلى ذلك .
كما لا يعقل اختلافهم باعتبارهم مرجعا وملاذا عند وقوع الاختلاف في شيءٍ ما ، قال عز من قائل : « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَـزَعْتُمْ فِى شَىْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ »۶ والردّ إلى اللّه والرسول هو الرجوع إلى حكمهما، وطاعة كلّ من أمر بطاعته .

تاسعا : مباني علاج الاختلاف

لمّا لم يكن المجال واسعا لتحقيق مناهج علاج اختلاف الحديث، ولا لتحقيق المنهج المختار منها ، فلا بدّ من الإشارة إلى مباني ما نهجناه في العلاج الناظر إلى جهتي الثبوت والإثبات ، ثمّ نتعرّض لكلام موجز في وجوه العلاج الإثباتي .

1.راجع سنن الترمذي : ج۵ ص۶۶۳ ح۳۷۸۸ ، و للوقوف على مصادره راجع كتاب أهل البيت في الكتاب والسنّة : ص ۱۲۵ ـ ۱۶۲ .

2.راجع المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۱۶۳ ح۴۷۲۰ ، وللوقوف على مصادره راجع كتاب أهل البيت في الكتاب والسنّة : ص ۸۷ ـ ۹۱ .

3.راجع صحيح مسلم : ج۴ ص۱۸۷۰ ح۳۰ ، وللوقوف على مصادره راجع كتاب موسوعة الإمام عليّ عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ : ج ۲ ص ۱۴۹ ـ ۱۶۷ .

4.راجع المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۱۶۳ ح۴۷۲۰ ، وللوقوف على مصادره راجع كتاب أهل البيت في الكتاب والسنّة : ص ۹۲ ـ ۹۳ .

5.راجع موسوعة الإمام عليّ عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ : ج ۲ ص ۲۳۵ ـ ۲۴۹ .

6.النساء : ۵۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253915
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي