فإذا اختلف الزمان وتغيّر، واختلفت الأهواء، وهبّت أعاصير الفتن فأثارت غبار الشبهات ، فاشتبهت الاُمور ، والتبس الحقّ بالباطل ، والسنّة بالبدعة ، فعندها يجب على كلّ مسلم ـ عالم أو غيره ـ الأخذ بمحض العلم واليقين، والتمسّك بالسنّة المعلومة ، وبما يجب اتّباعه والاقتداء بمن جعله اللّه علما هاديا ، فمن تورّع عن الشبهات وأمسك عن المشكوكات والمظنونات ـ مهما اشتهرت وشاعت ـ وأخذ بالمتيقّن نجا ، وإلاّ هلك من حيث لا يعلم .
ومن لطيف ما روي في ذلك :
۴۱۵.عن أمير المؤمنين عليه السلام :إنَّ الفتن إذا أقبلت شبّهت، وإذا أدبرت نبهّت ، يُنكرنَ مقبلات ، ويُعرفنَ مُدبرات . ۱
۴۱۶.وعنه عليه السلام :إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبّع، وأحكام تبتدع ، يخالَف فيها كتابُ اللّه ، ويتولّى عليها رجال رجالاً على غير دين اللّه ، فلو أنَّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين ، ولو أنَّ الحقّ خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسُن المعاندين ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث ، فيمزجان ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، وينجو الّذين سبقت لهم من اللّه الحُسنى . ۲
۴۱۷.وعنه عليه السلام :اتقوا البدع ، والزموا المهيع ، إنّ عوازم الاُمور أفضلها ، وإنَّ محدثاتها شرارها . ۳
۴۱۸.وعنه عليه السلام :أصل الحزم الوقوف عند الشبهة . ۴
۴۱۹.وعن الإمام الصادق عليه السلام ـ في مصحّحة عمر بن حنظلة ـ :إنّما الاُمور ثلاثة ؛ أمر بيّن