401
اسباب اختلاف الحديث

البعيد المراد . . . » ۱ . ومع ذلك يرد عليه أنّ الملحوظ في التورية المرشّحة هو كون اللفظ المورّى به بحيث يلائم المعنيين ، ولم يلحظ فيها كونها بحيث يُريدهما معا ، كما مثّلوا للمرشّحة بقوله تعالى : « وَ السَّمَآءَ بَنَيْنَـهَا بِأَيْيْدٍ » . فإنّه أراد بأيدٍ معناها البعيد ؛ وهو القدرة، فقرن بها ما يلائم المعنى القريب ، أعني ـ الذي هو الجارحة المخصوصة ـ قوله : «بنيناها » ۲ ، حيث لا يمكن القول بكون المعنى القريب أيضا مرادا للّه سبحانه ، لأنّه لا يدَ له تبارك وتعالى .
على أنّ التورية بالتعيين هي ما لايراد فيها من اللفظ معناه البعيد ، وإلاّ لايعدّ تورية، ولا يورّي المعنى القريب عن المعنى البعيد .
فإن قلت : مقصوده من التورية البديعية هو التوجيه ـ الّذي يأتي البحث عنه في السبب الآتي ـ كما يشهد به تمثيله له بشعر :

خاط لي عمرو قباءليت عينيه سواء
قلت : بناء الكلام في التوجيه على الترديد بين معنيين ـ أو معانٍ ـ في الظاهر وقصد أحدهما بحسب الواقع، مع أنّ التورية البديعية حسب تعريف سماحته هو «إطلاق اللّفظ مع إرادة عدّة معانٍ منه متساوية في الظهور » .

1.المطوّل في شرح تلخيص المفتاح : ص ۴۲۵ .


اسباب اختلاف الحديث
400

الإمام بعده «هو الأكبر من ولده» ، لا سيّما مع تقييد الكلام ـ وتقرير النسبة فيه ـ بضمير «هو» وتحليةِ «الأكبر» بـِ «ال» ، ولولا هذا التلميح لكان يكفي أن يقول : «أبو محمّد أنصح آل محمّد غريزة وأوثقهم حجّة وأكبر ولدي» . وقد استوفينا البحث فيه في مبحث البداء ، فراجع .
تنبيه : قال السيّد السيستاني ـ دام ظلّه ـ «التورية على قسمين : أ ـ التورية البديعية . ب ـ التورية العرفية . أمّا الاُولى فتعني إطلاق اللّفظ مع إرادة عدّة معانٍ منه متساوية في الظهور ، كما قيل شعرا :

خاط لي عمرو قباء. . . .
فلم يعرف أن ذلك مدح أم هجاء ، فإن المراد الجدّي والمراد الاستعمالي متعدّد . وأمّا الثاني فتعني طرح اللّفظ الّذي له معنيان؛ أحدهما جليّ والآخر خفيّ ، ويكون المراد الجدّي للمتكلّم هو المعنى الخفيّ، لكنّ المتبادر للسامع هو المعنى الجليّ ، كما نقل ابن قتيبة في كتابه اختلاف الحديث : أنّ خارجيّا طلب من أحد الشيعة أن يتبرّأ من عليّ عليه السلام وعثمان ، فقال : أنا من عليّ ومن عثمان بريء . وقد خلط بعض أهل البديع يين القسمين ، والمناسب لمورد الاستشهاد هو التورية البديعية كما هو واضح » .
ويلاحظ عليه: أوّلاً : أنّ ما ذكره تعريفا للتورية العرفية هو نفس ما ذكره علماء البلاغة في علم البديع في تعريف التورية مطلقا . وأمّا التعريف الّذي ذكره للتورية البديعية فلم نجد أحدا من البديعيّين ذكره . مضافا إلى أنّ تعريفه للتورية البديعية بقوله : «إطلاق اللّفظ مع إرادة عدّة معانٍ منه متساوية في الظهور » ، لا ينطبق على تعريفهم لها من أنّها «لفظ له معنيان ؛ قريب وبعيد ، ويراد به البعيد » ۱ .
اللّهمّ إلاّ أن يريد بها التوريةَ المرشِّحة ، في قبال التورية المجرّدة ، فإنّ التورية على حدّ تعبير التفتازاني : «ضربان ؛ مجرّدة: وهي التورية الّتي تجامع شيئا ممّا لايلائم المعنى القريب . . . ومرشّحة: وهي الّتي تجامع شيئا ممّا يلائم المعنى القريب المورّى به عن المعنى

1.المطوّل في شرح تلخيص المفتاح : ص ۴۲۵ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254360
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي