413
اسباب اختلاف الحديث

بديعَ فطرته ، وكرّم أبناءه بنسبتهم إليه بقوله: « بَنِي آدَمَ » وخلقهم في هذا التقويم الحسن الجميل ومع ذلك يكون ـ هو وزوجته الطاهرة على الخلق الّذي تقدّم وصفه ؟!!
ثمّ إنّ حمل ضميري آدم وحوّاء على رجل وامرأة من جنسهما ونسلهما في زمن صدور النصّ أولى من حمل الشارح المازندراني قدس سره ؛ وذلك لأنّ لآدم وحوّاء عليهماالسلامحيثيّتان ؛ شخصيّة، ومثالية ، فاستعمل الاسمان في الحيثية الشخصية، والضميران في الحيثيّة المثالية ، وحيث إنّ الحيثيّتين مختلفتان فهما معنيان، استعمل الاسمان الظاهران في أحدهما، والضميران في الآخر ، وهو الاستخدام . وممّا يشهد على اشتمالهما على الحيثيّتين المذكورتين قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللّه رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ* فَلَمّا آتاهُما صالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللّه عَمّا يُشْرِكُونَ * أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شيئًا وَ هُمْ يُخْلَقُونَ »۱ . فالمراد بالنفس الواحدة ـ الّتي خلقَنا اللّه تعالى منها هو أبونا آدم عليه السلام واُمّنا حوّاء عليهاالسلام، «فَلَمّا تَغَشّاها» آدم عليه السلام «حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمّا أَثْقَلَتْ» واضطرّا «دَعَوَا اللّه رَبَّهُما» في حال اضطرارهما ووقوعهما بين الخوف والرجاء «لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ» ، وهذه الحال لا تختصّ بهما بل هي حال كلّ زوجين يتبتّلان في حال اضطرارهما إلى اللّه تعالى ويدعوانه، وربما يعطيانه عهدا كذلك ، ولكن مِن الأزواج من إذا أجابهما اللّه تعالى ونجّاهما و «آتاهُما صالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما» .
والقرينة على استعمال الاستخدام في الآية ـ وأنّ الضمير في «آتاهُما» وما بعده يعود إلى زوجين من أولادهما لا إليهما ـ متعدّدة ، منها : «خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» ، واشتراك سائر الأزواج معهما فيما حكاه اللّه تعالى من أفعالهما وأحوالهما ، وتذييل الآية بقوله : «فَتَعالَى اللّه عَمّا يُشْرِكُونَ» ، و «أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ . . .» .
فالحاصل : أنّه إذا ثبت أنّ لهما عليهماالسلامحيثيّتان فقد يسند إليهما عليهماالسلامأمر بملاحظة إحدى

1.الأعراف : ۱۸۹ ـ ۱۹۱ .


اسباب اختلاف الحديث
412

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يدلّ على أنّ طول آدم وحوّاء عليهماالسلامبعد الغمز صار 70 و 35 ذراعا بذراعهما عليهماالسلام ، وهذا يحكي عن كونهما غير متناسبي الخلقة ، وأنّ خلقهما عليهماالسلاملايناسب خلق ذرّيتهما ، هذا من ناحية مشكل الحديث . وأمّا من جهة مختلف الحديث فهو ينافي الأحاديث الثلاثة الأخيرة ، لدلالة الحديث الثاني على أنّ طول آدم عليه السلام ستّين ذراعا بالذراع العادي ، والثالث والرابع على كونه عليه السلام في كمال الجمال والتناسب .

علاج الاختلاف :

قال المولى صالح المازندراني قدس سره ـ عقيب نقل الحديث الأوّل ـ : «والذراع بالكسر: من طرف المِرفق إلى طرف الإصبع الوسطى ؛ ولا خفاء ما فيه من الغرابة والإشكال ؛ إذ قامة كلّ أحد ثلاثة أذرع ونصف بذراعه ، وليس أحد سبعين ذرعا أو ثلاثين ذراعا بذراعه ، إذ هو مع كونه خلاف الواقع ، يوجب خروج اليد عن استواء الخلقة والحوالة على المجهول ، والّذي يخطر بالبال ـ من باب الاحتمال ـ أنّ ضمير «ذراعه» و «ذراعها» راجع إلى آدم وحوّاء باعتبار فرد آخر من الرجل والاُنثى المعلومين في عصره عليه السلام من باب الاستخدام» ۱ .
ثمّ إنّه قدس سره أيّد كلامه بالحديث الثاني من الأحاديث المتقدّمة ، ثمّ قال :
«ولا شك أنّ المراد بالذراع في حديثه الذراع المعهود في عصره صلى الله عليه و آله ؛ لئلاّ يلزم الحوالة على المجهول، وهو مؤيِّد لما ذكرناه. وأما قوله ستّون ذرعا، فيمكن أن يكون من سهو الراوي وتبديل السبعين بالستين، وحمل الذراع في حديثنا على ما يذرع به الثوب ونحوه ـ مع كونه بعيدا جدّا ـ لا يدفع القصور في الحوالة على المجهول، واللّه يعلم» ۲ .
أقول : ويؤيّد مفاد الأحاديث الثلاثة الأخيرة قولُه تعالى : «لَقَدْ خَلَقْنَا الاْءِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ»۳ ، «وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ»۴ فهل يعقل أن يكون آدم ـ الّذي جعله اللّه تعالى

1.شرح اُصول الكافي : ج۱۲ ص۳۱۶ ذيل ح۳۰۸ .

2.المصدر المتقدّم .

3.التين : ۴ .

4.الإسراء : ۷۰ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254132
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي