415
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثامن والخمسون : المشاكلة

هي ذكر الشيء بلفظ غيره؛ لوقوعه في صحبته، كقول الشاعر :

قالوا اقترِحْ شيئا نُجِدْ لك طبخَهقلتُ اطبخوا لي جُبَّةً وقَميصا
أي خيطوا ، فذكر خياطة الجبّة بلفظ الطبخ؛ لوقوعها في صحبة طبخ الطعام ، وكقوله تعالى : « تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ »۱ ، فأطلق النفس على ذات اللّه تعالى، ۲ مع أنّه سبحانه خالق النفوس، فلا نفس له حتّى يكون في نفسه شيء .
ومن موارد استعمالها في الحديث :

۴۳۶.ما رواه السيّد ابن طاووس قدس سره عن زبور داوود عليه السلام :أفصحتم في الخطبة، وقصّرتم في العمل ، فلو أفصحتم في العمل وقصّرتم في الخطبة لكان أرجى لكم . ۳

المثال : المراد بالدهر الذي قد نهي عن سبّه

۴۳۷.۱ . عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا تسبّوا الدهر فإنّ اللّه هو الدهر . ۴

۴۳۸.۲ . عن مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام في المناجاة الإنجيليّة :الحمد للّه المذكور بكلّ

1.المائدة: ۱۱۶ .

2.راجع المطوّل في شرح تلخيص المفتاح: ص۴۲۲ وجواهر البلاغة: ص۳۷۵ .

3.سعد السعود : ص۵۰ ، بحار الأنوار : ج۱۴ ص۴۸ .

4.صحيح مسلم : ج۴ ص۱۷۶۳ ح۵ ، السنن الكبرى للنسائي : ج۶ ص۴۵۷ ح۱۱۶۸۷ ، مسند ابن حنبل : ج۳ ص۵۶۴ ح۱۰۴۸۴ ، المجازات النبويّة للشريف الرضي : ص۲۳۵ ح۱۹۰ ، كنز العمّال : ج۳ ص۶۰۶ ح۸۱۳۷ .


اسباب اختلاف الحديث
414

الحيثيتين، واُخرى بملاحظة الحيثيّة الاُخرى ، بل قد ينتقل من حيثيّتهما المثالية إلى غيرهما من أمثالهما وأولادهما ، فلابدّ من القول بأنّ الضمير في الحديث الأوّل يرجع إلى من يصحّ إطلاق آدم عليه باعتباره من بنيه وبني نوعه ، وكذا رجوع ضمير المؤنّث إلى امرأة من مثل حوّاء من بناتها وبنات نوعها . ۱
ثمّ إنّ حمل الحديث على الاستخدام بتقريرنا وإن كان موافقا لما قرّره به المولى صالح قدس سره ، إلاّ أنّه يمكن حمل الحديث الأوّل على تصحيف «بذرعه» إلى «بذرعها» ، وعليه فيرجع الضميران إلى النبيّ صلى الله عليه و آله كجملة معترضة أفادها الإمام الصادق عليه السلام شرحا لكلامه صلى الله عليه و آله ، لكنّ الراوي زعم رجوع الضمير المذكّر إلى آدم عليه السلام ، فأضاف في ذيل الكلام قيد «بذرعها» ، بقصد إظهار ما كان في التقدير ، أو أنّ الإمام عليه السلام كرّر قيد «بذرعه» فتصوّر الراوي وقوع التصحيف ، فأراد إصلاحه ، واللّه العالم .
وللسيّد المرتضى قدس سره في تأويل الحديث وجوه ، فمن أراد فليراجعها . ۲
وأمّا الاختلاف بين «ستّون ذرعا» و «سبعين ذراعا» فكما يمكن أن يكون أحدهما من سهو الراوي وتبديل أحدهما بالآخر ، فكذلك يمكن أن يكونا من باب المسامحة العرفية في تحديد المقادير ، كما بيّنّاه في بابه فيما تقدم ، وذلك باحتمال أن يكون طوله عليه السلام ستّين ذراعا ونيِّفا ، فعمد إلى عدد العقود فعبّر عنه تارة بالسبعين واُخرى بالستّين .
والّذي ينبغي الإلفات إليه هو أنّ ما تقدّم ـ منّي ومن غيري ـ مبنيّ على العلاج الثبوتي ، أي على فرض صدور الحديث من بيت العصمة ، وأمّا العلاج الإثباتي لإحراز أصل صدوره فلا يحصل بذلك ، فإنّ احتمال وهم الراوي أو إخلاله في النقل بالمعنى أو سائر عوارض التحديث ليس ضعيفا هنا ، واللّه العالم .

1.إن قلت : استعمال آدم في بنيه وبني نوعه وإن كان رائجا إلاّ أنّ استعمال حوّاء في مثل ذلك من الحيثيّة المثالية غير رائج . قلت : يغتفر في العطف ما لا يغتفر في غيره ، ويغتفر في الاجتماع ما لايغتفر في غيره .

2.راجع بحار الأنوار: ج۴ ص۱۴ ، نقلها عن تنزيه الأنبياء .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254629
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي