417
اسباب اختلاف الحديث

ويهلكهم ويعطيهم ويسلبهم ، ودلّ بمفهوم الكلام على أنّه سبحانه هو المالك للاُمور، والمصرّف للدهور» ۱ .
أقول : ولسيّدنا الشريف المرتضى «قدّس اللّه نفسه الزكية» كلام قريب من بيان أخيه الكريم . ۲
ثمَّ انَّ المحدّث السيّد شبّر قدس سره قال عقيب محكي كلام السيّد المرتضى أعلى اللّه مقامهما ما هذا لفظه :
«ويحتمل معنى ثالث، ولعلّه أقرب ، وهو : أنَّ الدهر اسم من أسماء اللّه تعالى؛ كما ورد في بعض الأدعية : يا دهر يا ديهور ، ونظيره ما ورد من النهي عن قول : جاء رمضان ، وانقضى رمضان معلّلاً بأنّ رمضان اسم من أسماء اللّه تعالى» ۳ .
أقول : إطلاق اسم «الدهر» و «الديهور» عليه تعالى أيضا يمكن أن يكون على طريق المُشاكلة ، لغرض الاعتراف بلازمة التوحيد، فيقول : اللّهمّ إنَّ ما يسمّيه الناس دهرا وينسبون إليه الأفاعيل إنّما هو أنت ، لا شريك لك ولا ربّ ولا متصرِّف في الاُمور سواك .
وأمّا إطلاق اسم «رمضان» عليه تعالى ـ بعد غضّ الطرف عن ضعف السند ـ فيمكن أن يحمل على وجه من وجوه المجاز المبنيّ على تشريف الشهر المُبارك، أو أنّه وجه اللّه تعالى الحاكي عنه والمُذكّر به ، أو ما إلى ذلك. ۴

1.المجازات النبويّة : ص۲۳۵ و ۲۳۶ .

2.نهج البلاغة: الخطبة ۱۶۳ .

3.نفس المصدر .

4.وراجع في ذلك : الميزان في تفسير القرآن : ج۲ ص۲۶ وكتاب شهر اللّه في الكتاب والسنّة : ص۱۲ .


اسباب اختلاف الحديث
416

لسان، المشكور على كلّ إحسان ، المعبود في كلّ مكان، مدبّر الاُمور، ومقدّر الدهور . ۱

۴۳۹.۳ . الشريف الرضي قدس سره عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ـ في صفته تعالى ـ :لم يقرب من الأشياء بالتصاق، ولم يبعد عنها بافتراق، ولا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف ربوة، ولا انبساط خطوة في ليل داج ولا غسق ساج، يتفيّأ عليه القمر المُنير، وتعقبه الشمس ذات النور في الاُفول والكرور، وتقلّب الأزمنة والدهور . ۲

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يطلق اسم الدهر على ذات اللّه سبحانه، مع دلالة كثير من الأحاديث على أنَّ الدهر ممّا قدّره اللّه تعالى ومن مجعولاته .

علاج الاختلاف:

يرتفع الاختلاف الصوري بينها بالالتفات إلى كون الحديث الأوّل مبنيّا على مجاز المُشاكلة . قال الشريف الرضي قدس سره : «إنّ العرب كانت إذا قرعتها القوارع، ونزلت بها النوازل، وحطمتها السنون الحواطم، وسلبت كرائم أعلاقها من مال مثمر، أو ولد مؤمّل، أو حميم مرجّب، ألقت الملاوم على الدهر، فقالت في كلامها وأسجاعها وأرجازها وأشعارها : استفاد منّا الدهر و جارَ علينا الدهر و رمانا بسهامه الدهر والأشعار في ذلك أكثر من أن نحيط بها أو نأتي على جميعها . فكأنّه عليه الصلاة والسلام قال : لاتذمّوا الّذي يفعل بكم هذه الأفعال ، فإنّ اللّه سبحانه هو المعطي والمنتزع، والمغيّر والمرتجع، والرائش والهائض ، والباسط والقابض ، وقد جاء في التنزيل ما هو كشف عن هذا المعنى ، وهو قوله تعالى : « وَ قَالُواْ مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا وَ مَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ وَ مَا لَهُم بِذَ لِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ »۳ ، فصرّح تعالى بذمّهم على اعتقادهم بأنّ الدهر يملكهم

1.بحار الأنوار: ج۹۴ ص۱۵۳ ح۲۲ .

2.نهج البلاغة: الخطبة ۱۶۳ .

3.الجاثية: ۲۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230431
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي