421
اسباب اختلاف الحديث

الاُمور كلّها بيد اللّه ، تجري إلى أسبابها ومقاديرها» فلابدّ في كلّ أمر من الاستعانة باللّه المستعان .

علاج الاختلاف :

يظهر وجه العلاج بكلّ وضوح ممّا تقدّم .
ولا يخفى أنّي حاولت ذكر مثال لا ريب في جريه على التهكّم ، ولكنّ التهكّم ليس في كلّ النصوص بهذا الوضوح ، وسنشير إلى بعض أمثلته ، ولكن لوضوح البحث بلزمنا الإجمال والاختصار ، فسنذكر باقي الأمثلة على نحو الإيجاز فتفطّن .

المثال الثاني : معنى الصديق

ولمّا طال الكلام في هذا الفصل أكثر ممّا كنّا قدّرنا له من المجال ، نأتي بباقي الأمثلة في غاية الإيجاز ، وها هي :

۴۴۲.ما رواه الصفّار بإسناده عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام :أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أرى شخصا سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالّة، قال: يا رسول اللّه ! وإنّك لتراها ؟ قال : نعم . قال : فتقدر أن ترينيها ؟ قال: اُدن منّي، قال : فدنا منه، فمسح على عينيه، ثمّ قال : انظر . فنظر ، فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر ، ثمّ نظر إلى قصور أهل المدينة ، فقال في نفسه : الآن صدّقت أنّك ساحر . فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الصديق أنت ! ، ۱ انتهى ملخَّصا .
أقول : حمله المجلسي على التهكّم . ۲

المثال الثالث : تأويل الشمس والقمر بحسبان

۴۴۳.ما رواه القمّي، عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ـ في تفسير« الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ »ـ قال:هما يعذبان بعذاب اللّه . . . . ۳

1.بصائر الدرجات : ص۴۲۲ ح۱۴ .

2.بحار الأنوار : ج۱۸ ص۱۰۹ .

3.تفسير القمّي : ج۲ ص۳۴۳ ملخَّصا .


اسباب اختلاف الحديث
420

لا أقوى على الخروج ، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي ، فوجّهه إليه . فلمّا قدم على الأُموي ازدراه؛ لصغره، وكره أن يجمع بينه وبين القدري مخافة أن يغلبه ، و تسامع الناس بالشام بقدوم جعفر عليه السلام لمخاصمة القدري ، فلمّا كان من الغد اجتمع الناس لخصومتها ۱ فقال الأُموي لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّه قد أعيانا أمر هذا القدري، وإنّما كتبت إليك لأجمع بينك وبينه، فإنّه لم يَدع عندنا أحدا إلاّ خصمه . فقال: إنّ اللّه يكفيناه . قال: فلمّا اجتمعوا قال القدري لأبيعبد اللّه عليه السلام : سل عمّا شئت . فقال له : اقرأ سورة الحمد . قال : فقرأها، وقال الاُموي ـ وأنا معه ـ : ما في سورة الحمد علينا ! إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ! قال: فجعل القدري يقرأ سورة الحمد حتّى بلغ قول اللّه تبارك وتعالى : « إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ »۲ فقال له جعفر عليه السلام : قف ، من تستعين ؟ وما حاجتك إلى المعونة ؟! إنّ الأمر إليك ، « فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّــلِمِينَ »۳ .

۴۴۱.۲ . الكليني بإسناده عن عبد العظيم بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يخطب بهذه الخطبة :«الحمد للّه العالم بما هو كائن من قبل أن يدينَ له مِن خلقِه دائن ، فاطر السماوات والأرض، مؤلّف الأسباب بما جرت به الأقلام، ومضت به الأحتام، من سابق علمه، ومقدّر حكمه ـ إلى أن قال عليه السلام : ـ ثمّ إنّ هذه الاُمور كلَّها بيد اللّه تجري إلى أسبابها ومقاديرها، فأمر اللّه يجري إلى قدره، وقدره يجري إلى أجله، وأجله يجري إلى كتابه، و « لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَـبِ »۴ » ۵ .

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يحكي أنّ القدري «قرأ « إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » ، فقال له الإمام عليه السلام : «من تستعين؟ وما حاجتك إلى المعونة؟! إنّ الأمرَ إليك»، والحديث الثاني يدلّ على أنّ «هذه

1.في المصدر : «بخصومتهما » ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار : ج ۸۹ ص ۲۳۹ ح ۴۵ نقلاً عن المصدر .

2.الفاتحة : ۵ .

3.تفسير العيّاشي : ج۱ ص۲۳ ح۲۴ .

4.الرعد: ۳۸ و ۳۹ .

5.الكافي: ج۵ ص۳۷۲ ح۶ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233401
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي