يمكن تقرير التنافي هنا بأنّ ما دلّ على التأويل بالشمس والقمر يُستشمّ منه نوع من المدح للمؤوَّل له ، مع أنّ العذاب يدلّ على استحقاق الذمّ وهما متنافيان .
ويمكن تقريره بوجه آخر وهو أنّ المعذَّبين بعذابه تعالى من مناشئ الظلمة والضلال ، والتأويل بالشمس والقمر يناسب النورانية ، فيحصل التنافي .
وقال المجلسي في علاج هذا الاختلاف : «على هذا التأويل ، يكون التعبير . . . على سبيل التهكّم . . . والمراد بالحسبان العذاب والبلاء والشرّ ، كما ذكره الفيروز آبادي ، وكما قال تعالى: « حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَآءِ »۱ » ۲ .
أقول : يمكن القول بأنّ التأويل بالشمس والقمر وإن كان بملاحظة التهكّم ، إلاّ أنّ التشبيه الملحوظ في هذا التأويل ناظر إلى ناريّة المشبَّه بهما، لا إلى نوريّتهما ، فتدبّر .
المثال الرابع : تأويل السمع والبصر والفؤاد
۴۴۴.ما رواه الصدوق في المعاني بإسناده عن عبد العظيم الحسني ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم السلامـ في حديث طويل ملخَّصه ـ : أنّ الحسين بن عليّ عليهماالسلامسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن قوله لمن قال له : «إنّه منّي بمنزلة السمع» ، أو «بمنزلة البصر» ، أو «بمنزلة الفؤاد» . . . قال صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ يقول : « إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئولاً »۳ » ۴ .
وعالج المجلسي بينه وبين ما يعارضه بحمله على التهكّم ، أو على وجهٍ آخر ، ۵ فمن أراد التفصيل فليراجع .