الفصل الأوّل : تحوّل الظروف وتطوُّرها
قبل الخوض في البحث ينبغي التنبيه على اُمور :
الأوّل : المراد بالزمان والمكان
المراد بتغاير الأمكنة وتغيّر الأزمنة هو تغاير مظروفاتهما؛ أعني تبدّل الأحوال أو تطوُّرها المقتضي لتغيّر الأحكام ، لا الزمان والمكان بمفهومهما اللغوي أو الفلسفي ؛ لأنّ الّذي قد يسبّب الاختلاف الصوريّ بين دليلين لفظيّين هو المعنى المصطلح الأوّل دون الأخيرين .
الثاني : الثبات في القضايا العقائدية
لا يعقل أيّ تبدّل وتغيير في واقع العقائد الّتي يهدي إليها الكتاب والسنّة والعقل ، وكذا في سائر الحقائق الكونية ، فالتغيّر المبحوث عنه في هذا القسم إنّما يعرض الأحكام الشرعية والاُمور الاعتبارية، فإن فرض التنافي بين الأحاديث المتعلِّقة بالقضايا العقائدية أو التكوينية فلابدَّ من ملاحظتها من منظر آخر كحصول تغيّر في الكون، أو حمل الكلام على تأويل صحيح، أو على التقيّة ونحوهما .
الثالث : العناصر المتغيِّرة في مختلف الظروف
التشريع الإسلامي جامع بين عنصري الثبات والمرونة ، فالّذي يدرس الفقه والحديث لابدّ له من التحفّظ على مقتضيات هذين العنصرين الرئيسيّين ، من دون إفراط وتفريط ومن