431
اسباب اختلاف الحديث

ـ باستحالة ذاته وماهيته إلى شيء آخر، أو بانتفاء جزء من أجزائه الّتي اُنيط بها الحكم، أو بزيادة جزء يقتضي حكما آخر ـ تبدّل حكمه إلى حكم يناسب الموضوع الجديد .
و ـ تحديد كثير من موضوعات الأحكام بحدود عرفية أو إناطة موضوعاتها بقيود تُحدَّد بالعرف المتغيِّر بحسب الأزمنة والأمكنة .
ز ـ إحالة إحراز كثير من الموضوعات إلى الأمارات الدارجة في العرف المختلف بحسب الأزمنة والأمكنة .

الرابع : ثبات الشريعة وتبدّل الأحكام

لما كان الدين الإسلامي القيِّم مشتملاً على جميع عناصر المواكبة للزمان والمجاراة للظروف المختلفة والأحوال المتغايرة على اُسس الحكمة، فلا حاجة إلى ضمّ أيّ ضميمة أو مزج أيّ خليط من خارج الشريعة فعلى الرغم من اشتمال الشريعة على الأحكام المرِنة الحكيمة ، لا ترى أيَّ تبدّل في تلك الأحكام ، وإنّما يحصل التبدّل في موضوعاتها الّتي عليها مدارها .
وبهذا التقرير لدور الزمان والمكان في الفقه يمكن الجمع بين حقيقتين ناصعتين : ثباتِ الشريعة، ومرونةِ الأحكام وتبدّلها . فلا المرونة توجب خرما في ثبات الشريعة المحمّدية ، ولا ثَباتها يدفعنا إلى التحجّر والجمود . وقد ورد في قضيَّة ثبات الشريعة روايات كثيرة ، منها :

۴۵۲.ما روي عن الإمام الكاظم عليه السلام :أتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بما استفتوا به في عهده، وبما يكتفون به من بعده إلى يوم القيامة » ۱ .

۴۵۳.وأنّ «اللّه لم ينزله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قوم غضّ ، إلى يوم القيامة» ۲ .

1.بصائر الدرجات: ص۳۰۲ ، وراجع وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۳۸ ح۳۳۱۵۳ .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۲ ص۸۷ ح۳۲ عن الإمام الكاظم عليه السلام .


اسباب اختلاف الحديث
430

دون خلط بين موضوعاتهما ؛ فإنّ الشريعة المحمّدية شجرة طيِّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء .
وهذه المرونة ممّا تعطي الشريعة الخالدة حياتها ونشاطها وجريها في الظروف المتغايرة والأحوال المختلفة، فتجعلها وافية بما يحتاج إليه الناس في حياتهم الفردية والاجتماعية. ولا يخفى أنّ المرونة المشار إليها مودَعة في ذات الشريعة، وفي ضمن عناصر كثيرة لعلّها تجتمع في الاُمور التالية :
أ ـ اشتمال الشريعة على إطلاقات وعمومات يعمّان مصاديقَهما المتنوّعة الجارية في شتّى الظروف والحالات .
ب ـ اشتمالها على قواعد كلّية متكفّلة لبيان أحكام واقعية أو عملية ، مع سعتها وشمولها لأبواب الفقه .
ج ـ إحالة الآداب إلى العرف المتغيِّر في عمود الزمان والمتغاير في أديم المكان ، في إطار ضوابط واُصول ثابتة ، تحفّظا على المبادئ الشرعية والقِيَم الأخلاقية ؛ كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام :

۴۵۰.لا تقسروا أولادكم على آدابكم ، فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم . ۱

۴۵۱.وورد عنه عليه السلام أيضا خير لباس كلّ زمان لباس أهله. ۲

بل خير آداب كلّ مكان آداب أهله ، بشرط عدم الخروج عن تلك الاُصول والضوابط المشار إليها .
د ـ اشتمالها على كثير من الأحكام الثانوية الجارية في حالات متنوِّعة والحاكمة على الأحكام الأولية؛ كالأحكام المقرّرة للتقيّة، ونفي العسر والحرج، والسبيل، والضرر، واختلال النظام، وغيرها .
ه ـ تبعية الأحكام لموضوعاتها ودورانها مدارها دائما ، فكلّما تبدّل الموضوع

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲۰ ص۲۶۷ ح۱۰۲ .

2.الكافي: ج۱ ص۴۱۱ ح۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233365
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي