437
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يلعن زائرات القبور ، وهو يدلّ على مذمومية زيارة القبور ، بل لا يبعد ظهوره في حرمة الزيارة مع قيد الكثرة ، وإن كان الظهور المذكور لا يخلو من تأمّل . مع أنّ الطائفة الثانية من الأحاديث تدلّ على جواز بل استحباب زيارة القبور للنساء والرجال .
والاختلاف والتنافي بينهما بالعرض؛ وذلك لعصمة سيّدة النساء ـ صلوات اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ـ فهي عليهاالسلامأعلم وأطهر من أن يصدر منها أمر مذموم عند اللّه تعالى وعند رسوله صلى الله عليه و آله ، فإنّها ممّن يريد اللّه أن يذهب عنهم الرجس أهل البيت ويطهِّرهم تطهيرا .

علاج الاختلاف :

بحمل حديث النهي على أنّه كان لأجل ضرورة اقتضتها تلك الظروف ؛ لرسوخ رسوم الجاهلية في عادات الناس آنذاك وعقائدهم، ولاسيّما قلّة امتلاك النساء لأنفسهنّ في النوائب والمصائب ، مضافا إلى ضرورة التغيير في عادات النساء في التبرّج بتبرّج الجاهلية الاُولى ، كلّ ذلك كان يقتضي الحكم بذلك ، وإلاّ فالأصل الأوّلي في هذه المسألة هو الإباحة ، بل وهو الموافق للفطرة .
وبعبارة اُخرى : الحضور على الجنائز وزيارة المقابر تشتمل على آثار إيجابية ، منها : التذكير باللّه ، وبالآخرة، والإجابة لما تقتضي وتدعو إليه الفطرة الإلهية والعواطف الإنسانية ، وغيرها من الآثار التربوية ، من دون أيّ قبح ذاتي فيها . إلاّ أنّ الرسوم والعادات الجاهلية و ما إلى ذلك ، أكسبت لها قبحا في ذاك الزمان ، فإن توفّرت تلك الشرائط ورجعت تلك الظروف في زماننا هذا رجع حكمه ، لأنّ الحكم دائما تابع للموضوع وجودا وعدما .
وقد تكلّمنا حول زيارة القبور وما يتعلّق بها في بحث النسخ ، فراجع .


اسباب اختلاف الحديث
436

يروى أنّ عليّ بن أبيطالب عليه السلام كان يلبس الخشن من الثياب وأنت تلبس القوهي المروي ؟! قال : ويحك ، إنّ عليّا عليه السلام كان في زمان ضيّق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزمان أولى به . ۱

وتشهد له روايات كثيرة اُخرى نطوي عن ذكرها رعاية للاختصار . ۲

المثال الثاني : جواز زيارة القبور وفضلها

1 . ابن ماجة بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : لعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله زوّارات القبور . ۳
2 . الصدوق مرسلاً ـ بلسان الإحراز في الفقيه ـ : كانت فاطمة عليهاالسلامتأتي قبور الشهداء كلّ غداة سبت ، فتأتي قبر حمزة فتترحّم عليه وتستغفر له . ۴
وروى الكليني بإسنادين صحيحين عن ابن أبي عمير وعن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «تأتي قبور الشهداء في كلّ جمعة مرّتين الاثنين والخميس ، فتقول : هاهنا كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله هاهنا كان المشركون . ۵
ويدلّ على مضمونه أيضا ما رواه عليّ بن محمد الخزّاز القمّي في كفاية الأثر بإسناده عن محمود بن لبيد . ۶
والقاضي مرسلاً عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام أنّه قال : كانت فاطمة صلوات اللّه عليها تزور قبر حمزة وتقوم عليه ، وكانت في كل سنة تأتي قبور الشهداء مع نسوة معها فيدعون ويستغفرن . ۷
وهذا المعنى مستفيض مرويّ في روايات اُخر طوينا كشحا عن ذكرها اختصارا .

1.اختيار معرفة الرجال : ج۲ ص۶۹۰ ح۷۳۹ ، وسائل الشيعة: ج۵ ص۱۹ ح۵۷۷۶ .

2.راجع الكافي: ج۶ ص۴۴۲ ح۸ و ج۱ ص۴۱۱ ح۴ و ج۶ ص۴۴۳ ح۹ و ص۴۵۵ ح۲ .

3.سنن ابن ماجة : ج۱ ص۵۰۲ ح۱۵۷۵ .

4.كتاب من لايحضره الفقيه : ج۱ ص۱۸۰ ح۵۳۷ .

5.الكافي : ج۳ ص۲۲۸ ح۳ ، و ج۴ ص۵۶۱ ح۴ ، وسائل الشيعة : ج۳ ص۲۲۳ ح۳۴۶۷ ، و ج۱۴ ص۳۵۶ ح۱۹۳۸۰ .

6.كفاية الأثر : ص ۱۹۷ .

7.دعائم الإسلام: ج۱ ص۲۳۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227411
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي