دليلين أحدهما يدلّ على وجوب السفر لزيارة الظالم للتذرّع به إلى إنقاذ نفس محترمة أو مال كذلك ، والآخر على حرمة السفر لإعانة الظالم أو لزيارته تكريما .
نعم لو كانت المطاردة والتنافي بين عنوانين ثانويّين في موضوع واحد جزئيّ في الخارج ، فهما وإن كانا متنافيين إلاّ أنّ موطن المطاردة والتنافي بينهما هو مقام الامتثال دون مقام التشريع والإبلاغ وبيان الأحكام ، فلا تكون المسألة من باب اختلاف الحديث ؛ لأنّ اختلاف الحديث يعالج اختلاف مدلول الحديثين ، لا تنافيهما في مقام الامتثال ، وأمّا علاج المطاردة في مقام الامتثال فهو بالرجوع إلى مرجّحات باب التزاحم، دون تعارض الأدلّة في الاُصول .
فلا تنافي يعقل بين دليلين يدلّ أحدهما على وجوب الحجّ، والآخر على حرمة إعانة الظالم ، واتّفق أنّ سفر زيد للحجّ يوجب إعانة ماليّة أو غيرها للظالم ، فيرجع حكمه إلى ما يعالج به تزاحم موارد التكليف ـ الثابت في الشرع ـ في مقام الامتثال والتنفيذ .
3 . صورة التنافي بين العناوين الأوّلية والثانوية
إذا كان أحد العنوانين أوّليّا والآخر ثانويّا ، فإن كان لسان دليليهما دالّ على كون أحدهما أوّليّا والآخر ثانويّا فلا تنافي بينهما ؛ لرجوعهما إلى حكمين لموضوعين مختلفين ، فلا تنافي بين دليلين أحدهما يدلّ على وجوب السفر للحجّ ، والآخر على حرمة السفر للحجّ الموجب لإعانة الظالم .
فينحصر مورد الاختلاف والتنافي بما إذا كان أحد العنوانين أوّليّا والآخر ثانويّا، مع دلالة ظاهر الدليلين على كونهما عنوانين متعدّدين ، كأن لم يدلّ الدليل المتكفّل لبيان حكم العنوان الثانويّ على كونه ناظرا إلى حالة طارئة على العنوان الأوّلي، موجبة لتقيّده بقيد غير موجود في الأوّليّ ، مع كونه كذلك واقعا ؛ كما في دليلين يدلّ أحدهما على وجوب السفر للحجّ ، والآخر على حرمة السفر للحجّ .
ففي مثل ذلك يحصل الاختلاف والتنافي المدلولي بين الدليلين، ويعالجان بما يعالج به المتعارضان، بالجمع بينهما مهما أمكن، أو ترجيح أحد الدليلين، أو التخيير بينهما تخييرا اُصوليّا.