مضافا إلى أنّ التقيّة في حديثهم عليهم السلام ربما كانت لتحصيل مصلحة؛ من تأليف القلوب، والتحبّب إلى الناس لأجل هدايتهم إلى الحقّ المبين ، إلى غير ذلك من المصالح . ولكلّ واحد من هذه الأقسام حدوده وشرائطه في تبدّل الحكم من الأوّليّ إلى الثانوي .
ولمّا كان البحث عن التقيّة بجهاتها وجوانبها العديدة بحاجة إلى مجال أوسع ، وقد أفردها عدّة من العلماء بتآليف خاصّة أو بحوث ضافية في طيّات مباحثهم الفقهية والاُصولية والكلامية ، نطوي عن التوسّع في بحثها وندّخر المجال للأسباب الّتي لم يتعرّض لها الآخرون ، أو لم يتوسّعوا فيها ، فمن أراد التحقيق في التقيّة فليراجع الكتب المشار إليها .

للإرادة الجدّية خلاف الأصل ومحتاج إلى دليل .

2 . للتقيّة شروط

وردت في الأحاديث شروط للعمل بالتقيّة، يمكن أن يستخرج منها خصائص ظروف التقيّة، وشروط الحمل عليها ، وقد تبيّن كثير منها فيما حقّقه المحقِّقون كقاعدة فقهية، ^۱ بل أفردها بعض بالتأليف . ^۲ ومن جملة تلك الشروط :
أ ـ تشريع التقيّة إنّما هو لصيانة الدين ، فلا تقيّة فيما لو أضرّت بالدين الحنيف . ^۳
ب ـ إنّما جعلت التقيّة لحقن الدماء، فلا تقيّة بسفك الدماء المحترمة . ^۴
ج ـ التقيّة حلال في كلّ ما يضطرّ إليه ^۵ المسلم لحفظ دينه أو نفسه أو ما يُهمّه ممّا يتعلّق به .

3 . التقيّة على أقسام

التقيّة في القرآن وإن كانت بمعنى الخوف من الخصوم ، إلاّ أنّ نطاقها في الأحاديث أوسع من هذا ، وذلك لأنّ الأئمّة عليهم السلام كثيرا ما كانوا يجيبون ويتكلّمون بمقتضى التقيّة لا من المخاطب ، بل لأجله .