477
اسباب اختلاف الحديث

كانوا في شهر رمضان إذا صلّوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ، ثمّ إنّ ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء ، منهم عمر بن الخطّاب ، فشكوا ذلك إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأنزل اللّه : « أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ » ، إلى قوله : « فَالْـئـنَ بَـشِرُوهُنَّ » يعني انكحوهن . ۱

مورد الاختلاف :

تتنافى الطائفتان في تعيين من نزلت الآية بسببه وعقيب وقوع قضيّته ، فالحديث الأوّل يدلّ على أنّه «خوات» ، ويدلّ الثاني على كونه «قيس بن صرمة الأنصاري» أو «صرمة بن مالك الأنصاري» .

علاج الاختلاف :

لا تنافي بين هذه الروايات؛ لإمكان حملها على استتباع وقائع متعاقبة لنزول آية واحدة ، مع كون السبب معضِلة خاصّة تعتبر كلّ واحدة من هاتين القضيّتين من مظاهرها .
وقد عالج العلاّمة الطباطبائي قدس سره التنافي الصوري بين بعض الأحاديث الواردة في نزول بعض الآيات بالحمل على هذا الوجه . وسيأتيك كلامه قدس سره مع الملاحظة عليه في المثال الثاني من السبب التالي إن شاء اللّه .

المثال الثاني : ضيافة عليّ عليه السلام ونزول آية في إيثارة

۴۹۶.۱ . الشيخ الطوسي بإسناده عن أبي هريرة، قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و آله فشكا إليه الجوع ، فبعث رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى بيوت أزواجه، فقلن : ما عندنا إلاّ الماء . فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من لهذا الرجل الليلة ؟ فقال عليّ بن أبيطالب عليه السلام : أنا له يا رسول اللّه . ، وأتى فاطمة عليهاالسلامفقال : ما عندك يا ابنة رسول اللّه ؟ فقالت : ماعندنا إلاّ قوت الصِّبية، نؤثر ضيفنا . فقال

1.الدرّ المنثور : ج۱ ص۴۷۶ ، الميزان في تفسير القرآن : ج۲ ص۵۰ .


اسباب اختلاف الحديث
476

عليه، فرآه رسول اللّه صلى الله عليه و آله فرقّ له . وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرّا في شهر رمضان فأنزل اللّه عز و جل : « أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ »۱ الآية ، فأحلّ اللّه تبارك وتعالى النكاح بالليل من شهر رمضان ، والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر؛ لقوله : « حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ »۲ . ۳

قال العلاّمة الطباطبائي : «وهذا المعنى مرويّ بروايات اُخرى ، رواها الكلينيو العيّاشي وغيرهما ، وفي جميعها أنّ سبب نزول قوله : « وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ » الخ إنما هو قصّة خوات بن جبير الأنصاري، وأنّ سبب نزول قوله : « أُحِلَّ لَكُمْ » الخ ، ما كان يفعله الشبّان من المسلمين» ۴ .

۴۹۴.۲ . وفي الدرّ المنثور عن عدّة من أصحاب التفسير والرواية، عن البراء بن عازب، قال :كان أصحاب محمّد صلى الله عليه و آله إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتّى يمسي، وإنّ قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما ، فلمّا حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها : أ عندك طعام ؟ قالت : لا، ولكن أنطلق فأطلب لك ، وكان يومه يعمل ، فغلبته عيناه، فجاءت امرأته فلمّا رأته قالت : خيبة لك ، فلمّا انتصف النهار غشي عليه ، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه و آله ، فنزلت هذه الآية : « أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ » ففرحوا بها فرحا شديدا ، فنزلت : « وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ » » ۵ .

قال العلاّمة الطباطبائي : «وروي بطرق أُخر القصّة، وفي بعضها أبو قبيس بن صرمة، وفي بعضها صرمة بن مالك الأنصاري، على اختلاف ما في القصّة » ۶ .

۴۹۵.۳ . وفي الدرّ المنثور أيضا :وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عبّاس : أنّ المسلمين

1.البقرة : ۱۸۷ .

2.نفس الآية .

3.تفسير القمّي : ج۱ ص۶۶ .

4.الميزان في تفسير القرآن : ج۲ ص۴۹ .

5.صحيح البخاري : ج۲ ص۶۷۶ ح۱۸۱۶ ، الدرّ المنثور : ج۱ ص۴۷۵ .

6.الميزان في تفسير القرآن : ج۲ ص۵۰ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233413
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي