487
اسباب اختلاف الحديث

وروى الطبري بإسناده عن عيسى بن مازن، عن الإمام الحسن عليه السلام حديثا آخر بمضمونه . ۱
وممّا يدلّ على نزولها في المدينة ـ مضافا إلى ذلك ـ روايات تدلّ على نزولها عقيب وفاة إبراهيم ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ۲

مورد الاختلاف :

وجود التنافي الصوري بين أحاديث الطائفتين ممّا لاغبار عليه ؛ فإنّ الطائفة الاولى المجمع عليها تدلّ على نزولها بمكّة ، والثانية على نزولها بالمدينة بعد الرؤيا الّتي أراه اللّه تعالى تقلّب بني اُميّة على منبره الشريف ، أو عقيب ارتحال إبراهيم ابن رسول اللّه ـ عليه وعلى أبيه وآله السلام ـ كما تدلّ عليه الأحاديث المشار إليها في الرقم الثالث .

علاج الاختلاف :

يمكن علاج هذا التنافي البدئي بإمكان تكرّر نزول السورة ؛ فإنّ اللّه تعالى يعزّي حبيبه صلى الله عليه و آله بعد وفات ولده القاسم أو ولده عبد اللّه أو بعد وفاتهما ويبشّره في هده السورة الموجزة العظيمة ، بعظيم الجزاء، فبعد الابتلاء بعظيم ما أحزنه وأبكاه سلاّه بنزول هذه السلوة الكريمة مرّتين أو مرّات .
قال الزركشي في البرهان : «قد ينزل الشيء مرّتين؛ تعظيما لشأنه، وتذكيرا عند حدوث سببه؛ خوف نسيانه» ، ثمّ ذكر منه : سورتي الفاتحة والتوحيد وآيةَ الروح ۳ ووقولَه :

1.راجع جامع البيان: ج۱۵ الجزء ۳۰ ص۲۶ ، البداية والنهاية : ج۶ ص۲۴۳ ، شواهد التنزيل: ج۲ ص۴۵۷ ، نور الثقلين: ج۳ ص۶۸۳ ح۱۴ .

2.راجع تفسير القمّي : ج۲ ص۴۴۵ ومجمع البيان: ج۱۰ ص۸۳۶ و كتاب سليم بن قيس : ص ۷۳۷ و المعجم الكبير للطبراني : ج۴ ص۱۷۹ و الدرّ المنثور: ج۸ ص۶۵۲ عن أبي أيّوب .

3.الإسراء : ۸۵ .


اسباب اختلاف الحديث
486

التغاير تعدّدتا، واقتضت كلّ واحدة منهما موضعا يختصّ بها ، وإن كانتا في كمال المشابهة ولا يعقل استقلالهما وتغايرهما إلاّ بوجود نوع من التفاوت بين الآيتين، ۱ كأن تكون كلّ واحدة منهما في سورة لها من التركيب والوضع غير ما للاُخرى؛ فإنّ للوضع والتركيب مدخلية في المعنى .

المثال الأوّل : نزول سورة الكوثر في نسل النبي صلى الله عليه و آله المبارك

۵۰۳.۱ . ابن عساكر والسيوطي عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ( عليهماالسلام) قال :تُوُفِّيَ القاسم ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بمكّة فمّر، رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّي لأشنؤه. فقال العاص بن وائل: لا جرم لقد أصبح أبترا، فأنزل اللّه : « إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ »۲ . ۳

والروايات الدالّة على نزول سورة الكوثر بمكّة مستفيضة مجمع عليها ، لا تقبل الريب .

۵۰۴.۲ . ما رواه الترمذي بإسناده إلى يوسف بن سعد قال :«قام رجل إلى الحسن بن علي عليهماالسلامبعد ما بايع معاويةَ فقال: سوَّدت وجوه المؤمنين، أو يا مسوِّد وجوه المؤمنين . فقال : لا تؤنِّبني رحمك اللّه ؛ فإنّ النبي صلى الله عليه و آله اُري بني أُمية على منبره، فساءه ذلك ، فنزلت : «إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ »۴ يا محمّد، يعني نهرا في الجنّة ، ونزلت: « إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ »۵ يملكها بنو اُميّة يا محمّد . ۶

1.هذا الاستبعاد مضافا إلى موافقته للاعتبار ، مؤيّد بالاستقراء ، فإنّ كلّ ما تأمّلنا فيه من الآيات المتشابهة وجدناه قد نزل في ضمن سورة أو طائفة من الآيات تختلف عن التي تشابهها .

2.الكوثر : ۳ .

3.تاريخ دمشق: ج۴۶ ص۱۱۸ ، الدرّ المنثور: ج۸ ص۶۵۳ .

4.الكوثر : ۱ ـ ۳ .

5.سنن الترمذي: ج۵ ص۴۴۴ ح۳۳۵۰ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253965
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي