التغاير تعدّدتا، واقتضت كلّ واحدة منهما موضعا يختصّ بها ، وإن كانتا في كمال المشابهة ولا يعقل استقلالهما وتغايرهما إلاّ بوجود نوع من التفاوت بين الآيتين، ۱ كأن تكون كلّ واحدة منهما في سورة لها من التركيب والوضع غير ما للاُخرى؛ فإنّ للوضع والتركيب مدخلية في المعنى .
المثال الأوّل : نزول سورة الكوثر في نسل النبي صلى الله عليه و آله المبارك
۵۰۳.۱ . ابن عساكر والسيوطي عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ( عليهماالسلام) قال :تُوُفِّيَ القاسم ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بمكّة فمّر، رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّي لأشنؤه. فقال العاص بن وائل: لا جرم لقد أصبح أبترا، فأنزل اللّه : « إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ »۲ . ۳
والروايات الدالّة على نزول سورة الكوثر بمكّة مستفيضة مجمع عليها ، لا تقبل الريب .
۵۰۴.۲ . ما رواه الترمذي بإسناده إلى يوسف بن سعد قال :«قام رجل إلى الحسن بن علي عليهماالسلامبعد ما بايع معاويةَ فقال: سوَّدت وجوه المؤمنين، أو يا مسوِّد وجوه المؤمنين . فقال : لا تؤنِّبني رحمك اللّه ؛ فإنّ النبي صلى الله عليه و آله اُري بني أُمية على منبره، فساءه ذلك ، فنزلت : «إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ »۴ يا محمّد، يعني نهرا في الجنّة ، ونزلت: « إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ »۵ يملكها بنو اُميّة يا محمّد . ۶