501
اسباب اختلاف الحديث

« إِنَّـآ أَعْطَيْنَـكَ الْكَوْثَرَ » ـ عوضا يا محمّد مصيبتك بالقاسم ـ « فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ » . ۱

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديث الأوّل على كون نزول الآية لتقريع العاص بن وائل ، ذاك اللئيم المجمع على أنّه «الشانِئَ الأبتَرَ» ، ويدلّ الثاني على نزولها في ابنه عمرو بن العاص .

علاج الاختلاف :

هذا التنافي البدئي دفع البيهقي إلى معالجته بتضعيف الرواية الثانية ، فقال : «هكذا روي بهذا الإسناد، وهو ضعيف، والمشهور أنّها نزلت في العاصي بن وائل ۲ » ؛ ولعلّ قوله بعدالة الصحابة مطلقا وبناءه على الذبّ عن صحابيّ ـ ك ابن العاص ـ قد أثّر على علائقه ومبانيه العلمية ، فدفعه إلى تخفيف مثالبه بمثل هذا العلاج ، وإلاّ فإن طريقته وديدنه في علاج مختلف الحديث هو السعي والمبالغة في الجمع والتوفيق مهما أمكن، ولو بتكلّفات بعيدة وتأويلات باردة .
وكيف كان فتضعيف الرواية لايحسم المشكلة بعد اعتضاد مضمون الرواية الثانية بمستفيض من الأحاديث . ۳
فالعلاج الصحيح هو الجمع بينهما بحمل كلّ واحدة من الروايتين على كونها متكفّلة لبيان بعض من نزلت فيهم الآية الكريمة .

1.دلائل النبوّة للبيهقي : ج۲ ص۶۹ ، الدرّ المنثور: ج۶ ص۴۰۴ .

2.المصدر المتقدّم .

3.راجع الخصال : ص۴۵۷ ح۲ بإسناده عن مالك بن ضمرة الرؤاسي ، عن أبي ذرّ؛ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر ، ستّة من الأولين وستّة من الآخرين، ثمّ سمّى الستّة من الأوّلين . . . ـ والستّة من الآخرين وكان آخرهم ـ الأبتر ؛ وهو عمرو بن العاص» ؛ وكتاب سليم بن قيس: ج۲ ص۷۳۷ ح۲۲ خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة بتكذيب ابن العاص ؛ وما رواه عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره : ج۲ ص۴۴۵ في عمرو بن العاص والحكم بن أبي العاص .


اسباب اختلاف الحديث
500

السبب السبعون : إفراد بعض المنزّل فيهم بالذكر

قد تختلف الروايتان في نزول آية ، فتدلّ إحداهما على نزولها في فضل أو تقريع رجل ، مع دلالة الاُخرى على نزولها في غيره ، فيبدو من ظاهرهما الاختلاف والتنافي . وربما يعالجهما بعض أهل التفسير والحديث بترجيح أحداهما وطرح الاُخرى . والحال أنه لا تنافي مستقرّ وحقيقي بينهما؛ فإنّ كلاًّ منهما يثبت شيئا من دون نفي لمدلول الآخر، وقد اشتهر في الاُصول أنّه لاتنافي بين المثبتين، كما شاع أنّ «إثبات شيء لا ينفي ما عداه» .
إذا فالعلاج الصحيح لهذا اللون من التنافي الصوري بحمل كلّ منهما على بيان بعض من نزلت فيهم الآية . ولا يخفى أنّ شرط هذا الوجه من الجمع صحّة مشاركتهم في عمل أو صفة أو نحوهما ممّا يسوِّغ تشريكهم فيما نزل من الفضل أو التقريع ، سواء كانوا متساوين في استحقاق ذلك أم مختلفين .

المثال الأوّل : المراد بالشانئ الأبتر

۵۲۳.۱ . السيوطي :أخرج ابن أبي حاتم عن السُدّي رضى الله عنهقال : كانت قريش تقول إذا مات ذكور الرجل : بتِر فلان ، فلمّا مات ولد النبي صلى الله عليه و آله قال العاصي بن وائل : بتِر . ۱

۵۲۴.۲ . وقال أيضا :أخرج البيهقيفي الدلائل عن محمّد بن علي ـ يعني الإمامَ الباقر عليه السلام ـ قال : كان القاسم ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد بلغ أن يركب الدابّة ويسير على النجيب ، فلمّا قبضه اللّه عز و جلقال عمرو بن العاص : لقد أصبح محمّد أبتر من ابنه. فأنزل اللّه تعالى على نبيّه صلى الله عليه و آله :

1.الدرّ المنثور: ج۸ ص۶۵۳ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253874
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي