507
اسباب اختلاف الحديث

وما بعده يدلّ على نزول آية التبليغ في ضوجان قبل نزول آية الإكمال بغدير خمّ عند في منصرَفه صلى الله عليه و آله من الحجّ ، وأنّ آية الإكمال نزلت بعدها في بضع عشرة ۱ خلت من ذي الحجّة سنة عشرة بغدير خمّ عند منصرفه من حجّة الوداع .

علاج الاختلاف :

جمع العلاّمة قدس سره بين ما دلّ على نزول آية إكمال الدين بعرفة وبين ما دلّ على نزولها في يوم غدير خمّ بما إليك نصّه :
«إنّ التدبّر في الآيتين الكريمتين : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ » (الآية) ـ على ما سيجيء من بيان معناه ـ وقوله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » (الآية) والأحاديث الواردة من طرق الفريقين فيهما ، وروايات الغدير المتواترة ، وكذا دراسة أوضاع المجتمع الإسلامي الداخلية في أواخر عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله والبحث العميق فيها ، يفيد القطع بأنّ أمر الولاية كان نازلاً قبل يوم الغدير بأيّام ، وكان النبي صلى الله عليه و آله يتّقي الناس في إظهاره، ويخاف أن لا يتلقّوه بالقبول، أو يُسيؤوا القصد إليه فيختلَّ أمر الدعوة ، فكان لايزال يُؤخّر تبليغه الناس من يوم إلى غد، حتّى نزل قوله : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ » (الآية) فلم يمهل في ذلك . وعلى هذا فمن الجائز أن ينزل اللّه سبحانه معظم السورة وفيه قوله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » ( الآية ) وينزل معه أمر الولاية كلّ ذلك يوم عرفة، فأخّر النبي صلى الله عليه و آله بيان الولاية إلى غدير خم ، وقد كان تلا آيتها يوم عرفة . وأمّا اشتمال بعض الروايات على نزولها يوم الغدير فليس من المستبعد أن يكون ذلك لتلاوته صلى الله عليه و آله الآية مقارنة لتبليغ أمر الولاية؛ لكونها في شأنها . وعلى هذا فلا تنافي بين الروايات؛ أعني ما دلّ على نزول الآية في أمر الولاية ، وما دلّ على نزولها يوم عرفة .
وربما استفيد هذا الذي ذكرناه ممّا رواه العيّاشي في تفسيره عن جعفر بن محمّد الخزاعي، عن أبيه، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لمّا نزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عرفات يوم

1.في نسخة تفسير البرهان : ج۲ ص۲۲۷ : «لسبع عشرة ليلة» بدل «في بضع عشرة» .


اسباب اختلاف الحديث
506

رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلّ ما أمرهم اللّه من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج ، وصدّقوه على ذلك. قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر: ما كان ذلك ؟ قال: لتسع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشرة عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين النبي صلى الله عليه و آله مئة يوم ...» ۱ .

۵۳۱.۳ . في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة، يقول فيها عليه السلام :. . . فخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى حجّة الوداع، ثمّ صار إلى غدير خمّ، فأمر فأُصلح له شبه المنبر، ثمّ علاه وأخذ بعضدي حتى رُئي بياض إبطيه، رافعا صوته قائلاً في محفله : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وكانت على ولايتي ولاية اللّه ، وعلى عداوتي عداوة اللّه ، وأنزل اللّه عز و جلفي ذلك : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلامَ دِينًا » فكانت ولايتي كمال الدين، ورضا الربّ جلّ ذكره . ۲

۵۳۲.۴ . وفي علل الشرايع بإسناده إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري أنّ العالم عليه السلام كتب إليه ـ يعني الحسن بن عليّ عليهماالسلام ـ :إنّ اللّه عز و جلبمنّه ورحمته لمّا فرض عليكم الفرائض لم ت يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه... ففرض عليكم الحجّ والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية ، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض ، ومفتاحاً إلى سبيله ، ولولا محمّد صلى الله عليه و آله والأوصياء من ولده كنتم حيارى... فلمّا من اللّه عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيّكم صلى الله عليه و آله قال اللّه عز و جل : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلامَ دِينًا » . ۳

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل ظاهر في نزول الولاية في يوم الجمعة بعرفة، فنزلت فيها آية الإكمال ، وأنّ آية تبليغ الولاية قد نزلت بعدهما .

1.راجع الميزان في تفسير القرآن : ج۵ ص۱۹۳ .

2.الكافي : ج۸ ص۲۷ ح۴ ، نور الثقلين: ج۱ ص۵۸۸ ح۲۸ .

3.علل الشرائع : ص۲۴۹ ح۶ ، بحار الأنوار : ج۲۳ ص۹۹ ح۳ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230333
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي