511
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثالث والسبعون : إرادة المعنى الظاهر والباطن

قد يذكر للآية في طائفة من الروايات المعتبرة مورد لنزولها، وفي طائفة اُخرى مورد مغاير للأوّل، مع أنّ السياق أو غيره من القرائن يؤيّد إحدى الطائفتين ، فلابدّ من حمل إحداهما على مورد نزول الآية على ظاهرها، والاُخرى على أنه من موارد نزول بطن من بطونها .
وشرط هذا الحمل عدم التنافي الحقيقي بين ما يقتضيه الموردان من المعنى بحيث أمكن اجتماع المعنيين كظهر وبطن في آية واحدة، على ما سنبيّنه في البحث عن البطون ، إن شاء اللّه .

المثال الأوّل : مورد نزول سورة المنافقين

۵۳۵.۱ . القمّي في ذيل الآية :« إِذَا جَآءَكَ الْمُنَـفِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَـفِقِينَ لَكَـذِبُونَ »۱ ، قال : نزلت في غزوة المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، في سنة خمس من الهجرة، و كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله خرج إليها، فلمّا رجع منها نزل على بئر، و كان الماء قليلاً فيها، وكان أنس بن سيّار حليف الأنصار، و كان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطّاب، فاجتمعوا على البئر، فتعلّق دلو ابن سيّار بدلو جهجاه، فقال سيّار : دلوي ، وقال جهجاه : دلوي ، فضرب جهجاه

1.المنافقون : ۱ .


اسباب اختلاف الحديث
510

فاطمة عليهاالسلام و هي تطحن بالرحى وعليها كساء من أجلّة الإبل ، فلمّا نظر إليها بكى و قال لها : يا فاطمة تعجّلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا، فأنزل اللّه عليه : «وَ لَلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَك مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيك رَبُّك فَتَرْضى» . ۱

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديث الأوّل على نزول السورة في مكّة عقيب احتباس الوحي على النبيّ صلى الله عليه و آله بأيّام ، مع أنّ الحديث الثاني يدلّ على نزولها في المدينة حينما رأى صلى الله عليه و آله ابنته الطاهرة عليهاالسلاموما كانت تتحمّله من مرارة العيش .

علاج الاختلاف :

بحمل الثاني على كون النبي صلى الله عليه و آله قد قرأ الآية في تلك القضيّة ليبشِّر بها ابنته الحبيبة بما أعدّ اللّه تعالى لها من عطائه في الآخرة، وبأنّها من أهل هذه الآية الكريمة ، لا أنّ خصوص هذه الآية من السورة أو كلّ السورة قد نزلت في تلك القضيّة ؛ فإنّ سياق الآية يشهد بنزولها في ضمن سائر آيات السورة .
والشاهد لهذا الحمل رواية أمين الدين الطبرسي قدس سره لهذا الحديث بهذا الفظ: «يا بنتاه تعجّلي مرارةَ الدنيا بحلاوة الآخرة؛ فقد أنزل اللّه عليّ: « وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى »۲ ». ولهذا لم ينقله الطبرسي قدس سرهفي قسم النزول من تفسيره، وإنّما رواه في قسم التفسير .
وممّا ذكرنا يظهر وجه التأمّل فيما أفاده العلاّمةُ الطباطبائي قدس سرهفي علاج الاختلاف بين هذين الحديثين ، فقال مشيرا إلى الرواية الأخيرة :«تحتمل الرواية نزول الآية وحدها بعد نزول بقية آيات السورة قبلها ثم الإلحاق، وتحتمل نزولها وحدها ثانياً» ۳ .

1.تأويل الآيات الظاهرة : ج۲ ص۸۱۰ ح۲ ، التمحيص : ص۶ ، بحار الأنوار : ج۱۶ ص۱۴۳ ح۹ عن كنز الفوائد و ج۴۳ ص۸۵ من تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ومن تفسير القشيري عن جابر ، ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل : ج۲ ص۴۴۵ ح۱۱۰۹ و ۱۱۱۰ بإسنادين له عن جابر نحوه .

2.مجمع البيان: ج۱۰ ص۷۶۵ ، مكارم الأخلاق : ج۱ ص۲۵۶ ح۷۶۵ و ص۵۰۳ ح۱۷۳۹ .

3.الميزان في تفسير القرآن : ج۲۰ ص۳۱۲ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227405
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي