517
اسباب اختلاف الحديث

من العرب والعجم ؛ لكونهم من صميم العرب ومن الذين عاشوا في بيئة نزول القرآن العارفين بلغته .
ولهذا كان من شأن العترة الطاهرة أن يعلّموا الناس ما لم يكونوا يعلمون ، فيفسروه لهم، كلٌّ بحسب فهمه وثقافته من العربية وغيرها من العلوم ؛ من حيث الإيجاز والإيضاح ، وبقدر تحمّله لعلوم التنزيل والتأويل ، والكشف عن آفاق ظهور القرآن وبطونه . فمنهم من يكلِّمونه بشيء من ظواهر التنزيل أو إشاراته ، ومنهم من يُكلَّم بمراتب من بواطن التأويل القريبة ، ومنهم من يُكلَّم بشيء من لطائف التأويل أو حقائقه .
وقبل الخوض في البحث لابدَّ من تمهيد اُمور :

بيان بعض المصطلحات

تقدّم أنّ القرآن مشتمل على التفسير والتأويل، والظهر والبطن، والمحكم والمتشابه، وغير ذلك من الجهات، فلابدَّ من تعريف بعض ما له دخل في معرفة أسباب اختلاف الأحاديث التفسيرية ، مع رعاية الاختصار :
أ ـ التفسير : المراد بالتفسير في اصطلاح الروايات هو معناه الأعمّ؛ أعني الكشف عن وجه من وجوه الآية سواء كان كشفا عن لفظها المشكل، أم صارفا لها عن ظاهرها الّذي ليس بمقصود ، بل ربما يطلق التفسير على ما يعمّ الكشف عن شيء من وجوه باطنها ، ۱ فيدخل فيه التفسير بالظهر والتنزيل، كما يدخل التفسير بالبطن والتأويل .
فالتفسير في مصطلح الأحاديث وإن كان يطلق على جميع ما يكشف عن معنى من معاني الآيات ، فيعمّ التأويل بمعناه الخاصّ أيضا ، إلاّ أنّه في عرف المفسِّرين والأوساط

1.يشهد لذلك الروايات التالية : الكافي: ج۳ ص۳۰ ح۴ ، التوحيد: ص۲۳۰ ح۳ و ۵ ، بحار الأنوار: ج۲ ص۳۱۷ ح۲ ، و ج۲ ص۳۲۱ ح۶ ، و ج۲ ص۳۱۶ ح۱ ، و ج۸۵ ص۵۱ ح۴۳ ، و ج۹۲ ص۱۰۰ ح۷۲ ، وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۲۰۰ ح۳۳۵۹۳ و ص۱۹۷ ح۳۳۵۸۱ و ح۳۳۵۸۲ ، تفسير العيّاشي : ج۱ ص۵۰ ح۷۰ ، و ج۲ ص۵۰ ح۲۴ ، بصائر الدرجات: ص۱۹۸ ح۳ .


اسباب اختلاف الحديث
516

الفصل الثاني

ما يرجع إلى التفسير أو التأويل

تمهيد

أحد شؤون أهل البيت عليهم السلام هو تعليم الناس ما لم يكونوا يعلمون، ۱ أو ما هم فيه مختلفون . راجع فيه الآيات التالية : البقرة : 213 ، النحل : 64 ، الزخرف : 63 ، النمل : ـ 75 و76 ، الزمر : 3 . وأمّا ما كان من معاني القرآن مفهوما لنوع المخاطبين فلم ينصب اهتمام الأئمّة عليهم السلام على تعليمه للناس وتفسيره لهم إلاّ من جهة كلّية . وبعبارة اُخرى على حدّ التعبير المرويّ عن المعصومين عليهم السلام :

۵۳۷.كتاب اللّه عز و جل على أربعة أشياء :على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق ؛ فالعبارة للعوامّ، والإشارة للخواصّ، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء . ۲

فما كان من قسم «العبارة» وهو ما يفهمه عوام أبناء العربية في ذلك الزمان ، فلم يكونوا محتاجين إلى السؤال عنه ، وإنّما كانوا يسألون عن «الإشارات» ، «واللطائف» ، «والحقائق» ، كلّ يبتغي بغيته .
وعلى هذا فغالب مخاطبيهم عليهم السلام في التفسير لم يكونوا بحاجة إلى ما يحتاجه معاصرونا

1.تلميح إلى الآية ۱۵۱ من سورة البقرة : « كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ ءَايَـتِنَا وَ يُزَكِّيكُمْ وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتَـبَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ » .

2.عوالي اللآلي: ج۴ ص۱۰۵ ح۱۵۵ عن الإمام عليّ عليه السلام ، جامع الأخبار : ص۱۱۶ ح۲۱۱ ، بحار الأنوار: ج۹۲ ص۲۰ ح۱۸ عن الإمام الحسين عليه السلام ، الدرّة الباهرة : ص۳۱ ، تفسير الصافي: ج۱ ص۳۱ كلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227434
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي