519
اسباب اختلاف الحديث

د ـ التنزيل : هو في اللغة : تفعيل من «النزول» ، وهو بهيئته يكون لمعانٍ؛ منها تعدية النزول ، ونسبة شيء إلى النزول أو إلى الأمر النازل . وقد يكون التنزيل بمعنى اسم المفعول؛ فيرادف «المنزَّل» .
وفي الاصطلاح ـ بقرينة مقابلته للتأويل ـ : عبارة عن حمل لفظ الآية على ظاهر ما نزل من المعنى . وإن شئت فقل: التنزيل حمل الآية على ظاهر معناها .
وقد يستعمل في الأحاديث ويراد منه نفس المعنى الحاصل من الظهر ؛ من باب استعمال المصدر في معنى اسم المفعول ، كما يستعمل في المعنى المودَع في لفظ الآية وإن كان من بعض مراتب بطونها ، ۱ ولعلّه باعتبار أنّه حاكٍ عن الظهر الإضافي؛ أي المعنى الّذي نزل به جبرئيل عليه السلام عند نزول الآية أو بُعَيدَه، ۲ في مقابل بعض البطون البعيدة الّتي يستنبطها المستنبطون من اُولي الأمر أعني أهل البيت عليهم السلام . ۳ وقد تكرّر في الأحاديث إطلاق التنزيل على هذا المعنى الّذي يعتبر من التأويل . ومعرفة هذا المعنى لمصطلح التنزيل ـ الّذي يعتبر من موارد التأويل ـ له دور هامّ في معالجة مختلف الحديث ومشكله ، فربما زلّت أقدام البعض بسبب عدم معرفتهم به، فمال إلى مزعومة التحريف، وأضرّ بالطائفة والشريعة ، وإن تاب من بعد ومات مستقيما على الطريقة .
ه ـ التأويل : في اللغة تفعيل من مادّة «الأول» بمعنى الرجوع ، أوَّل الكلامَ وتأوَّله : دبَّره وقدَّره .
وفي الروايات ـ وإن كان قد يستعمل فيما يرادف التفسير، ۴ إلاّ أنّ الغالب في استعماله

1.راجع الكافي : ج۱ ص۴۳۲ ح۹۱ ونور الثقلين: ج۲ ص۲۱۲ ح۱۲۵ .

2.وذلك لأنّ جبرئيل عليه السلام كان ينزل بالوحي البياني كما ينزل باللفظ المعجز الموسوم بالوحي القرآني ، لقوله تعالى : « إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَ قُرْءَانَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَـهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ » (القيامة : ۱۷ ـ ۱۹ ) .

3.راجع الآية ۵۲ من النساء ، والكافي: ج۱ ص۲۹۵ ح۳ .

4.للحصول على نماذج من ذلك راجع : تفسير العيّاشي: ج۱ ص۱۲ ح۹ و السنن الكبرى للنسائي : ج۱۰ ص۲۰۰ ح۲۰۳۶۰ وروى فيه صدرَه إلى «أهلكت» ، وأيضا التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام : ص۱۵ ح۱ ، بحار الأنوار: ج۹۲ ص۱۸۳ ح۱۸ .


اسباب اختلاف الحديث
518

التفسيرية ـ لاسيّما بين المتأخّرين وفيما يقابَل به التأويل ـ عبارة عن كشف القناع عن اللفظ الغامض . ۱
ب ـ الظهر أو الظاهر : هو المعنى الّذي يُفهم من لفظ الآية بالطرق الدلالية المعهودة لدى العرف ، سواء كان بالدلالة المطابقية، أو التضمّنيّة، أو الالتزامية المبنية على اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، فيدخل فيه ما يستفاد من مفهومها، كما يدخل المستفاد من منطوقها .
وقد يستعمل بمعنى الظهر الإضافي؛ أعني البطن الّذي هو ظاهر غير خفي بالنسبة إلى البطن الأخفى ؛ كما يشير إليه ما ورد من أنّ «للقرآن ظهرا وبطنا ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن» ۲ . وكذا «إنّ للقرآن بطنا، وللبطن بطنا، وله ظهر، وللظهر ظهر» ۳ ، فالمراد بالظهر الّذي له ظهر هو الظهر الإضافي دون الظهر المطلق .
ج ـ البطن أو الباطن : هو المعنى المستفاد من وراء ظاهر لفظ الآية، بحيث لا يمكن لعوامّ الناس الوصول إليه من خلال إحدى الدلالات المعهودة لديهم بوجه معتمد عليه . فالبطن هو المعنى المستتر عن اُفق ظهر الآية وظاهرها ، وإن كان له علقة مع ظهرها في غالب أنحائه .
وأمّا الطرق الموصلة إلى المعاني الباطنة فاُمور ؛ منها ما يمكننا التعرّف عليها تفصيلاً أو بشيء من التفصيل، بمقدار ما حصلنا عليه من تلك الطرق بفضل تعليم أهل البيت عليهم السلام الذين هم قرناء القرآن . ومنها ما لانعرفه إلاّ بإجمال وإبهام ، بحيث نعرف الطريق المسلوك لاستنباط ذاك المعنى، ولكن لا نعرف جزئيّات ما يتوقّف عليه الاستنباط المذكور ، فلا يمكننا الجري عليه في أشباهه ونظائره ، ومنها ما لانعرفه رأسا؛ وذلك لاختصاصهم عليهم السلام بطرق دلالية مخصوصة بهم لايعرفها أحد دونهم إلاّ من يخصّوه بذلك من أوليائهم، وذاك أيضا بفضل تعريفهم لشيء من تلك الطرق .

1.راجع التمهيد في علوم القرآن: ج۳ ص۲۸ . وراجع ـ في تعقيب ذلك ـ الإتقان في علوم القرآن: ج۴ ص۱۹۳ النوع ۷۷ و دراسات قرآنية : ج۳ ص۱۳ ـ ۲۷ وهو في ثلاثة أجزاء في مجلّد واحد ، نشر مكتب الإعلام الإسلامي بقم المقدَّسة .

2.عوالي اللآلي: ج۴ ص۱۰۷ ح۱۵۹ .

3.المحاسن: ج۲ ص۳۰۰ ح۱۰۷۶ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230458
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي