521
اسباب اختلاف الحديث

السبب الرابع والسبعون : القراءة التفسيرية

نلاحظ في الروايات التفسيرية أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا يكتفون في تفسير الذكر الحكيم بقراءته بالمعنى ، فيبدلون من الآية كلمة أو كلمتين بما يرادفها ويفسّرها في مرتبة التنزيل أو التأويل ، وهذا ما نسمّيه بـ « القراءة التفسيريّة » ، أو «القراءة الممزوجة بالتفسير» أو «القراءة بالمعنى » سواء كان من التفسير بالظاهر ، أو بالباطن .
ومن أوضح الشواهد على أنّ ما صدر عنهم من القراءات المخالفة لرسم المصحف ولقراءات الناس لم تكن من القراءات المصطلحة الناظرة إلى لفظ القرآن الكريم اُمور :
منها : قراءتهم عليهم السلام لتلك الآية في أحاديث اُخرى وفقا لقراءة الناس وطبقا لرسم المصحف . مضافا إلى الأدلّة القطعية من العقل والنقل كتابا وسنّةً الدالّة على عدم تحريف القرآن الكريم .
ومنها : مجانبتهم عن الخوض في أمر اختلاف القراءات مستدلّين بأنّ «القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة» ۱ ، ولو كانوا قد خاضوا في شأن القراءة لبقيت عنهم مدرسة قويمة مستقلّة فيها .
ومنها : نهيُهم عن قراءة القرآن بخلاف ما «يقرأه الناس» ۲ وأمرُهم بقراءته «كما يقرأ

1.الكافي: ج۲ ص۶۳۰ ح۱۲ .

2.بصائر الدرجات: ص۱۹۳ ح۳ .


اسباب اختلاف الحديث
520

لاسيّما إذا استعمل في مقابل التنزيل ـ عبارة عن «صرف الكلام عن وجهه، وإرجاعه إلى ما هو مراد المتكلّم من حاقّ الكلام» . ولا بأس بتعريفه أيضا بـ «استخراج حقيقة كامنة من وراء ظاهر اللفظ» ، فيشمل كلاًّ من تأويل المتشابه واستخراج البطون .
وذلك أنّ المعاني القرآنية على قسمين : الأوّل : ما يحكي ويعبِّر عنه لفظه بوضوح، ويدلّ عليه بحسب ذاته بوجه يفهمه عموم أهل اللسان . الثاني : ما لا يكون كذلك ؛ إمّا لوجود معانٍ مستورة وراء ثوب اللفظ، وإمّا لكون اللفظ متشابها محتملاً لمعانٍ مختلفة ، أو ظاهرا في معنى غير مراد للمتكلّم . والّذي يجري فيه التأويل هو القسم الثاني بشقّيه ، أي إلى صرف اللفظ وإرجاعه إلى الوجه المراد في المتشابه ، أو إلى البطن المستتر تحت ثوب الظاهر . وسيوافيك بيان بعض ما يتعلّق بذلك في طليعة البحث عن «التأويل أو التفسير بالبطون» .
و ـ المحكم : اسم مفعول من الإحكام بمعنى الإتقان، الإحراز، المنع، وهو مأخوذ من «الحُكم» و«أصله المنع لإصلاحٍ ، فالمُحكَم ما لا يعرضه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى» ۱ .
وإن شئت فقل : المحكم ما اُتقن واُحرز معناه ، أو ما يمنع من التردّد في معناه ؛ لما فيه من الوضوح بالصراحة أو الظهور المستقرّ .
ز ـ المتشابه : هو اسم فاعل مأخوذ من «الشِبه» بمعنى المِثل . وبما أنَّ التشابه والتماثل بين الشيئين يوجب عدم التمييز بينهما، ويوقع في الالتباس والاشتباه، فالمتشابه من القرآن والحديث : «ما أشكل تفسيره لمشابَهَته لغيره إمّا من حيث اللفظ، أو من حيث المعنى» ۲ .
ثمَّ إنّ الحديث المفسِّر ـ بوصف كونه مفسِّرا ـ شأنه شأن إيضاح المعنى المراد وإزاحة التشابه ، فمن ثمَّ لايوجب الاختلاف بالتشابه في الأحاديث التفسيرية .
لكن حيث إنّ كلام العترة المطهَّرة عليهم السلام ـ كالقرآن ـ قد يختلف بالإحكام والتشابه ، عقدنا في القسم الثالث بابا للبحث عنه ، فراجع . وأفردنا البحث هنا عن التأويل باستخراج البطون .

1.راجع المفردات في غريب القرآن : ص۲۴۸ ـ ۲۵۱ (حكم) .

2.كما يشهد به قوله تعالى : « أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَـبَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَــلِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَ هُوَ الْوَ حِدُ الْقَهَّـرُ » (الرعد : ۱۶ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230428
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي