537
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديث الأوّل على أنّ التهديد باللعن الّذي أوعده اللّه الكاتمين متوجّه إلى الأئمّة المعصومين عليهم السلام إذا امتنعوا عن تعريف الحجّة بعدهم، وكتموا ما أنزل اللّه من البيّنات والهدى ، مع دلالة الحديث الثاني على أنّ المراد بهم علماء أهل الكتاب الّذين يكتمون ما أنزل اللّه في الكتب السالفة في شأن النبي الخاتم صلى الله عليه و آله من البيّنات والهدى ، وكذا فسقة العلماء الكاتمون لعلومهم فيما فرض اللّه عليهم بيان ما أنزل من البيّنات والهدى في ولاية أهل البيت عليهم السلام وغيرها ممّا نزل به الوحي ، وأنّ اللاعنين في الآية ـ بعد اللّه تعالى ـ هم الأئمّة عليهم السلام . فالاختلاف بين الأحاديث واضح جدّا .

علاج الاختلاف :

بحمل الروايات على التفسير بالمصداق . بيانه أنّ حرمة كتمان ما أنزل اللّه من البيّنات والهدى المستفاد من التهديد باللعن الذريع عامّ ينطبق على كلّ فرد ممّا يندرج في هذا العنوان ، سواء كان الحقّ المفروض إظهاره أمر رسالة النبي الكريم صلى الله عليه و آله أم أمر إمامة أحد من أوصيائه عليه وعليهم السلام أو الأحكام الشرعية أو ما إلى ذلك، وسواء حصل كتمانه من أيّ مكلّف إذا كتمه بوجه الحرام ، فكتمان أمر وصاية الأوصياء مثلاً مشمول لهذا الحكم، سواء كتمه الوصيّ المعصوم قبله أم غيرُه ، وإن كان وقوع هذا الكتمان من قِبَلهم عليهم السلام محالاً بملاحظة عصمتهم الكاملة الاختيارية .
إن قلت : إذا صحّ تفسير «اللاعنون » بالأئمّة عليهم السلام حسب ما ورد في الحديث الأخير فلابدّ من كون المراد بـِ «الَّذِينَ يَكْتُمُونَ . . . » غيرَهم ؛ لأنّه لايعقل تشريفهم بمقارنة ذكرهم بذكر اللّه تعالى وتفسير اللاعنين بهم ، ثمّ القول بأنّهم هم المقصودون بالنهي عن الكتمان في الآية والوعيد باللعن على فرضه .
قلت : عصمتهم ونزاهتهم عن هذا الكتمان الحرام المقتضي لكونهم هم اللاعنين للذين يكتمون حقَّهم وكلَّ ما فرض اللّه إظهاره لا يمنع أن يتوجّه إليهم التكليف العامّ بحرمة كتمان ما فرض اللّه إظهاره ، فتوجّه عقوبة الكتمان لهم على فرض كتمانهم لا يساوي كتمانهم


اسباب اختلاف الحديث
536

فِى الْكِتَـبِ » ، قال : نحن نُعنى بها ـ واللّه المستعان ـ ، إنّ الرجل منّا إذا صارت إليه لم يكن له أو لم يسَعه إلاّ أن يبيِّن للناس من يكون بعده . 1

۵۶۶.۲ . وروى أيضا عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام في الآية ، قال :يعني بذلك نحن ، واللّه المستعان . ۲

۵۶۷.۲ . ما رواه العيّاشي أيضا عن محمّد بن مسلم قال ـ يعني أبا عبد اللّه ـ عليه السلام :وهم أهل الكتاب .

۵۶۸.۳ . في بعض الروايات عن عليّ عليه السلام ـ وقد سئل عن شرّ خلق اللّه بعد إبليس وفرعون وثمود و . . . ـ قال :العلماء إذا فسدوا ، هم المظهرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق ، وفيهم قال اللّه عز و جل : « أُوْلَـئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـعِنُونَ » . ۳

۵۶۹.۴ . في تفسير العيّاشي عن الصادق عليه السلام :« إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَـتِ وَ الْهُدَى » ، في عليّ . ۴
أقول : هو من قبيل الجري والانطباق .

۵۷۰.۵ . العيّاشي أيضا عن عبد اللّه بن بكير، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله :«أُوْلَـئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـعِنُونَ »۵ قال : نحن هم ، وقد قالوا : هوامّ الأرض !! . ۶

بيان : يعني أنّ المراد باللاعنين الّذين قرنهم اللّه تعالى بنفسه هو أهل البيت عليهم السلام ، لا هوامّ الأرض أو سائر الأشياء ، كما فسَّره به بعض العامّة .

1.تفسير العيّاشي: ج۱ ص۷۱ ح۱۳۹ .

2.تفسير العيّاشي: ج۱ ص۷۱ ح۱۳۷ .

3.راجع الاحتجاج : ج۲ ص۲۶۴ ، بحار الأنوار : ج۲ ص۸۹ ، نور الثقلين : ج۱ ص۱۴۹ ح۴۷۹ .

4.تفسير العيّاشي : ج۱ ص۷۱ ح۱۳۶ .

5.البقرة : ۱۵۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227459
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي