السبب السابع والسبعون : التفسير بلوازم المعنى وملابساته
قد يفسّر اللفظ لا بما له من المعنى الوضعي، بل بما له نحو ملابسة لذلك المعنى؛ كالملازمة، أو السببية والمحصِّلية، أو الظرفية، أو المقارنة، أو نحو ذلك . والجامع لذلك كلّه عنوان العلائق المجازية المسوّغة لاستعمال اللفظ فيغير ما وضع له .
والسرّ في إفراد هذا العنوان بالبحث ـ مع أنّه تقدّم عدّ المجاز سببا لاختلاف الحديث ـ هو الفرق بينهما ، فإنّ المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، وما نحن فيه تفسير اللفظ بغير ما وضع له ، وتفسير شيء بشيء أعمّ من استعماله فيه .
توضيحه أنّ الغرض من تفسير اللفظ استخراج مداليله ، سواء كان من مدلوله المطابقي أو الالتزامي أو التضمّني ، وكلّ من المدلول الالتزامي أو التضمّني يجتمع مع المدلول المطابقي ، بل وجودهما متوقّف على وجوده ، فاللفظ يستعمل في المعنى المطابقي ، ويفسّر تارة بمدلوله المطابقي، واُخرى بالالتزامي، وثالثة بالتضمّني .
فظهر وجه كون التفسير أعمّ من الاستعمال ، وأنّ هذا البحث لايندرج في بحث المجاز . وعليه فاللفظ قد يستعمل في معنى واحد هو حقيقة فيه، فيفسَّر تارة بها، واُخرى ببعض ملابساتها ، أو يستعمل في معنيين حقيقيّين ـ أو أكثر ـ معا، فيفسَّر تارة بواحد ـ أو بكلّ ـ منهما، واُخرى ببعض ملابساته ، أو يستعمل في بعض ما له من المعاني الحقيقية والمجازية معا فيفسَّر بكلّ منها .
إن قلت : لازم تفسير شيء بشيء استعماله فيه، وكون الشخص المفسِّر مدّعيا لدلالة اللفظ المفسَّر على ذاك المعنى المفسّر به واستعماله فيه ، ولو بالدلالة الالتزامية ؟