563
اسباب اختلاف الحديث

السبب السابع والسبعون : التفسير بلوازم المعنى وملابساته

قد يفسّر اللفظ لا بما له من المعنى الوضعي، بل بما له نحو ملابسة لذلك المعنى؛ كالملازمة، أو السببية والمحصِّلية، أو الظرفية، أو المقارنة، أو نحو ذلك . والجامع لذلك كلّه عنوان العلائق المجازية المسوّغة لاستعمال اللفظ فيغير ما وضع له .
والسرّ في إفراد هذا العنوان بالبحث ـ مع أنّه تقدّم عدّ المجاز سببا لاختلاف الحديث ـ هو الفرق بينهما ، فإنّ المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، وما نحن فيه تفسير اللفظ بغير ما وضع له ، وتفسير شيء بشيء أعمّ من استعماله فيه .
توضيحه أنّ الغرض من تفسير اللفظ استخراج مداليله ، سواء كان من مدلوله المطابقي أو الالتزامي أو التضمّني ، وكلّ من المدلول الالتزامي أو التضمّني يجتمع مع المدلول المطابقي ، بل وجودهما متوقّف على وجوده ، فاللفظ يستعمل في المعنى المطابقي ، ويفسّر تارة بمدلوله المطابقي، واُخرى بالالتزامي، وثالثة بالتضمّني .
فظهر وجه كون التفسير أعمّ من الاستعمال ، وأنّ هذا البحث لايندرج في بحث المجاز . وعليه فاللفظ قد يستعمل في معنى واحد هو حقيقة فيه، فيفسَّر تارة بها، واُخرى ببعض ملابساتها ، أو يستعمل في معنيين حقيقيّين ـ أو أكثر ـ معا، فيفسَّر تارة بواحد ـ أو بكلّ ـ منهما، واُخرى ببعض ملابساته ، أو يستعمل في بعض ما له من المعاني الحقيقية والمجازية معا فيفسَّر بكلّ منها .
إن قلت : لازم تفسير شيء بشيء استعماله فيه، وكون الشخص المفسِّر مدّعيا لدلالة اللفظ المفسَّر على ذاك المعنى المفسّر به واستعماله فيه ، ولو بالدلالة الالتزامية ؟


اسباب اختلاف الحديث
562

اللّه عز و جل : « وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشيدٍ»۱ ، قال : البئر المعطلَّة الإمام الصامت ، والقصر المشيد الإمام الناطق . ۲
ثمّ قال قدس سره : «قال شيخنا العلاّمة : لعلّ المعنى ليس حيث يذهب الناس من انحصار جنّة المؤمنين في الجنّة الصورية الاُخروية بل لهم في الدنيا أيضا ببركة أئمّتهم عليهم السلام جنّات روحانية ؛ من ظلّ حمايتهم ولطفهم الممدود في الدنيا والآخرة ، وماء مسكوب من علومهم الحقّة الّتي بها تحيا النفوس والأرواح، وفواكه كثيرة من أنواع معارفهم الّتي لا تنقطع عن شيعتهم . . . » ۳ .
فحملها قدس سره على نفس ما حملنا عليه نظائره .

1.الحجّ : ۴۵ .

2.مختصر بصائر الدرجات: ص۵۷ .

3.مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار : ص۱۱ ، وهذا التفسير الشريف المؤلَّف في علم التأويل جُعل بمنزلة المقدِّمة ل « تفسير البرهان » ، ولا يخفى أنّي لم أجد لحدّ الآن تأليفا أحسن منه في علم التأويل ، فللّه درّ مؤلّفه .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253959
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي