قلت : الملازمة المصحّحة لانتقال السامع من لفظ إلى لازمه ولتفسيره به أعمّ من اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ الّذي تتوقّف عليه الدلالة الالتزامية .
مضافا إلى ما بيّنّاه آنفا من كون تفسير شيء بشيء أعمَّ من استعماله فيه؛ لأعمّية التفسير من أن يكون بنفس الشيء، أو بوجه من وجوهه، وبشيء ممّا يلابسه .
ويمكن أن يعتبر من هذا الباب الأمثلة التالية من غير مختلف الحديث :
۶۰۴.۱ . ما رواه الصدوق قدس سره بإسناده عن الحسن بن راشد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، قال :سألته عن معنى «اللّه » ، قال : استولى على ما دقّ وجلّ . ۱
فإنّ الاستيلاء على ما دقّ وجلّ من لوازم معنى الإلهية، سواء كان «الإله » بمعنى المألوه والمعبود ، أم بمعنى من يُرجَع إليه عند الحوائج ؛ لأنّ العبادة ـ الّتي هي إظهار غاية الخضوع ـ لا تحقّ ولا تصلح إلاّ للواحد الأحد الّذي هو على كلّ شيء قدير، ولكلّ حاجة جدير، لايشذّ من قدرته شيء صغيرا أو كبيرا، والواحد الكامل المهيمن على ذلك لابدّ أن يكون مستوليا على كلّ شيء ممّا دقّ وجلّ .
۶۰۵.۲ . ما في إرشاد القلوب للديلمي، عن الصادق عليه السلام ـ في قوله تعالى :« الَّذِينَ ءَاتَيْنَـهُمُ الْكِتَـبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ »۲ ـ قال : يرتلون آياته، ويتفقّهون فيه، ويعملون بأحكامه ، ويرجون وعده، ويخافون وعيده ، ويعتبرون بقصصه ، ويأتمرون بأوامره ، ويتناهون عن نواهيه . ما هو ـ واللّه ـ حفظ آياته ، ودرس حروفه ، وتلاوة سوره ، ودرس أعشاره وأخماسه ، حفظوا حروفه، وأضاعوا حدوده ، وإنما هو تدبّر آياته، والعمل بأحكامه ؛ قال اللّه تعالى: « الَّذِينَ ءَاتَيْنَـهُمُ الْكِتَـبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ »۳ . ۴
أقول : هذا من تفسير الشيء بغايته المطلوبة منه .
۶۰۶.۳ . ومثله ما رواه العيّاشي عن الصادق عليه السلام ـ في قول اللّه عز و جل :« يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ » ـ