589
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثمانون : التأويل أو التفسير بالبطون

التأويل لغةً : تفعيل من « الأول » ؛ أي الرجوع ، أوَّل الكلامَ وتأوَّله : دبَّره وقدَّره . وهو في الروايات وإن كان قد يستعمل فيما يرادف التفسير ، ۱ إلاّ أنّ الغالب من استعماله ـ لاسيّما إذا استعمل في مقابل التنزيل ـ عبارة عن «صرف الكلام عن وجهه، وإرجاعه إلى ما هو مراد المتكلّم من حاقّ هذا الكلام» ولا بأس بتعريفه بـ «استخراج حقيقة كامنة من وراء ثوب اللفظ» أيضا ، فيشمل كلاًّ من تأويل المتشابه، واستخراج البطون .
بيان ذلك : أنّ المعاني القرآنية على قسمين : الأوّل : ما يكون لفظه حاكيا ومعبّرا عنه بوضوح، ويدلّ عليه بحسب ذاته ، بوجه يفهمه عوام أهل اللسان . الثاني : ما لايكون كذلك ، إمّا لوجود معانٍ مستورة وراء ثوب اللفظ، وإمّا لكون اللفظ متشابها محتملاً لمعانٍ مختلفة ، أو ظاهرا في معنى غير مراد للمتكلّم .
فالقسم الأوّل من المعاني لا يحتاج إلى التأويل ، لوضوحه عند نوع المخاطبين ، نعم إن كان فيه غموض ، يوضح بموادّ التفسير بالمعنى الأخصّ كما تقدّمت الإشارة إليه . والّذي يجري فيه التأويل إنّما هو القسم الثاني بشقّيه ؛ لأنّ تعيين مراد المتكلّم حقيقةً وفي نفس الأمر فيما لايحكي عنه لفظه بحسب ذاته ۲ محتاج إلى التأويل ؛ أي إلى صرف اللفظ وإرجاعه إلى الوجه المراد في المتشابه ، أو إلى البطن المستتر تحت ثوب الظاهر ، فيقال: مرجع هذا الكلام ومآله إلى كذا .

1.للحصول على نماذج من ذلك ، راجع : تفسير العيّاشي : ج۱ ص۱۲ ح۹ والتفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام : ص۱۵ ح۲ وبحار الأنوار: ج۹۲ ص۱۸۳ ح۱۸ .

2.. سواء كان من المتشابهات، أو من معاني البطون في الآيات المحكمات .


اسباب اختلاف الحديث
588

قال المجلسي : «اشتقاق حوّاء من الحيّ أو الحيوان لكون الاُولى واويّا، والاُخريان من اليائي يخالف القياس ، ويمكن أن يكون مبنيا على قياس لغة آدم عليه السلام ، أو يكون مشتقّا من لفظ يكون في لغتهم بمعنى الحياة ، مع أنّه كثيرا ما يرد الاشتقاق في لغة العرب على خلاف قياسهم فيسمّونه سماعيّا وشاذّا، فليكن هذا منها» ۱ .
أقول : الحديث يدلّ بكلّ وضوح على اشتقاق اسم «حوّاء» من مادّة «حَيِيَ» ، وكون اُمّنا حوّاء عليهاالسلامغير عربية لايمنع من هذا الاشتقاق.
ويمكن رفع الإشكال المذكور بالقول بأنّ هذه الأسماء الأعجميّة قد لوحظت في تعريبها وتغييرها بوجه ينطبق على موادّ العربية نظير «يونس» و «يعقوب» و «نوح» وغيرها ، مع أنّ أسماءهم في الأصل السرياني أو غيره كانت ملفوظة بوجوه اُخرى والّذي سهّل هذا التعريب اللطيف كون العربية وسائر اللغة السامية من فصيلة واحدة . ويؤيِّد ما ذكرناه سائر الروايات الدالّة على وجه تسميتها بنظائر ما في هذه الرواية .

1.بحار الأنوار : ج۱۱ ص۱۰۰ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227375
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي