591
اسباب اختلاف الحديث

الملحوظة لكلامه ، فلابدَّ في تأويل الكتاب ـ الّذي فيه تبيان كلّ شيء ـ من خبرة وافية بمناهج مُنزله سبحانه وتعالى في إفادة المعاني ، ومعرفة واسعة بالمعاني الكثيرة، والكلمات الّتي لاتكاد تنفد، والحقائق المكنونة في كتاب مكنون لا يمسّه إلاّ المطهَّرون .
ولاختلاف الكلمات في حقيقة التأويل وتعريفه ، سنشير إلى عدد من الروايات المبيّنة له .

حقيقة التأويل في الأحاديث

لأنّ «تأويل كلّ حرف من القرآن على وجوه» 1 ، و «ليس من القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن ، وما منه حرف إلاّ وإنّ له تأويلاً «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّ سِخُونَ فِى الْعِلْمِ » 2 » 3 ، «وليسوا بواحد» 4 ، «فرسول اللّه أفضل الراسخين، قد علّمه اللّه جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان اللّه منزلاً عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ، وأوصياءه من بعده يعلمونه كلَّه» 5 ؛ لأنّ اللّه سبحانه «فرض على الاُمة طاعة ولاة أمره والقُوّام بدينه كما فرض عليهم طاعة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال: «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ » 6 ، ثم بيّن محلّ ولاة أمره من أهل العلم بتأويل كتابه ، فقال عز و جل: « وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى

1.تفسير العيّاشي: ج۱ ص۱۲ ح۹ ، وراجع السنن الكبرى للبيهقي : ج۱۰ ص۲۰۰ ح۲۰۳۶۰ صدرَه إلى «أهلكت» .

2.آل عمران: ۷ .

3.كتاب سليم بن قيس: ج۲ ص۷۷۱ عن عمر بن أبي سلمة عن الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار: ج۳۳ ص۱۵۵ ح۴۲۱ .

4.تأويل الآيات الظاهرة: ج۲ ص۵۵۵ ح۱۰ ، تفسير فرات الكوفي: ص۶۸ ح۳۸ نحوه وكلاهما عن سليم بن قيس .

5.تفسير العيّاشي: ج۱ ص۱۶۴ ح۶ ، وراجع الكافي: ج۱ ص۲۱۳ ح۳ و تأويل الآيات الظاهرة: ص۱۰۷ ح۱۴ و بصائر الدرجات: ص۲۰۴ ح۸ و ۲۰۳ ح۴ و تفسير القمّي: ج۱ ص۹۶ و مجمع البيان: ج۲ ص۷۰۱ .

6.النساء: ۵۹ .


اسباب اختلاف الحديث
590

فتبيَّن أنّ تأويل الكلام إرجاعه إلى حقيقة كامنة من وراء ثوب اللفظ ، ۱ ويعمّ تأويل المتشابه، ۲ واستخراج البطون . ۳
ثمّ إنّ إرجاع الآية إلى مآل وتعيين كونه من مراد اللّه سبحانه حقيقة وفي نفس الأمر يحتاج إلى وجود ذلك المعنى عنده تعالى وفي لوح علمه سبحانه وفي صقع المعاني . ثمّ إن كان ذاك المعنى من الآية ممّا يتعلّق بالأكوان ، فلابدّ له من وجود في ظرف تحقّقه أو في بعض مبادئ تقديره ، إذا فلا شيء من معاني الآيات إلاّ وله نوع وجود وتحقّق أو تقدير في لوح علمه المحفوظ ، بحيث يكون تأويل الآية صرفها وإرجاعها إلى هذا المآل .
كما أنّ تأويل الرؤيا وتعبيرها إرجاع الصورة المرئية في المنام إلى معنى يدّعي المأوِّل كونها عبارة عنه، وأنَّها ترجع إليه ، إذا فتأويلها إرجاع صورتها إلى أمر له نوع وجود إمّا في الخارج وفي ظرف التقدير، ۴ أو في نفس صاحب الرؤيا أو ذهنه، ۵ وهكذا الأمر في تأويل الكلام البشري ؛ لأنّ إرجاعه إلى مآل ومعنى بادّعاء كونه ممّا أراده المتكلّم في حاقّ مراده يحتاج إلى أن يكون لكلّ معنى من معانيه وجودا في نفس المتكلّم ، ثمَّ إن كان ذلك الكلام ناظرا إلى الاُمور الخارجية فلابدّ له من خارج يطابقه ما لم يكن كاذبا .
إذا فالتأويل عبارة عن صرف الكلام وإرجاعه إلى معنى خاصّ لايسع نوع المخاطبين فهمه والإذعان به ، لا لإبهام في لفظه، بل لإعضال أو خفاء في نفس المعنى . فإذا كان تأويل الكلام البشري بحاجة إلى دقّةٍ نظر، وخبرةٍ بمنهج المتكلّم ، ومعرفةٍ بخصائص المعاني

1.كما أنّ تأويل الرؤيا وغيرها من الاُمور أيضا كذلك ، فقد روى الصدوق بإسناده عن أحمد بن عبد اللّه ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام : «إنّ اللّه تبارك وتعالى ما بعث نبيّه صلى الله عليه و آله بأمرٍ من الاُمور إلاّ وله متشابه وتأويل وتنزيل، وكلّ ذلك على التعبّد، فمن لم يعرف تأويل صلاته فصلاته كلّها خداع ناقصة غير تامّة» (علل الشرائع: ص۵۹۸ ح۴۵ ) .

2.كما يدلّ عليه كثير من الأحاديث ، منها : وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۲۰۰ ح۳۳۵۹۳ نقلاً عن رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى و بحار الأنوار: ج۹۳ ص۱۲ .

3.وستأتي بعض الأحاديث الدالّة على ذلك ، منها : حديث الإمام أبي جعفر عليه السلام : «ظهره تنزيله وبطنه تأويله» (بصائر الدرجات: ص ۲۱۶ ) .

4.هذا فيما إذا كانت الرؤيا ناظرة إلى الخارج كالإخبار عن المستقبل أو الماضي الّذي لم يكن يعرفه قبل ذلك .

5.هذا فيما إذا كانت الرؤيا مزاجية، أو تداعيا لخواطره، أو من تجسّم حديث نفسه بقوّة خياله .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227454
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي