593
اسباب اختلاف الحديث

عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء، ونبذوا قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وراء ظهورهم». ۱
فإنّه صلى الله عليه و آله كان يقول : «هلاك أُمّتي في الكتاب ... يتعلّمون القرآن فيتأوّلونه على غير ما أنزل اللّه عز و جل» ۲ ، و « أخوف ما أخاف على اُمّتي ... وسوء التأويل» ۳ ، «إنّ في اُمّتي قوما يقرؤون القرآن ينثرونه نثر الدقل ۴ ، يتاوّلونه على غير تأويله» ۵ .
وأخيرا فالفرق بين التفسير والتأويل بعبارة موجزة هو ـ أنّ التفسير كشف القناع عن المعنى الغامض لإيضاح ما للفظ الآية من المعنى، واستكشاف ما للتركيب من الظهور حسب الفهم العرفي ؛ و أمّا التأويل فهو «صرف الكلام عن وجهه وإرجاعه إلى ما هو ممّا أراده المتكلّم من حاقّ هذا الكلام» أو فقل : «هو استخراج حقيقة كامنة وراء ثوب اللفظ» ، فيشمل تأويل المتشابه و استخراج البطون.
تنبيه : كثيرا ما يستعمل التأويل في الأحاديث بمعنى نفس المعنى «المأوَّل إليه» ۶ ، من باب استعمال المصدر في الاسم ، كما قد يستعمل في التفسير بالمعنى الأعمّ فيشمل التفسير والتأويل معا ، وهذا الأمر ممّا يوجب صعوبة في استخراج حاقّ معنى التأويل ومعرفة حقيقته على بعض أهل التحقيق .

1.وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۲۰۰ ح۳۳۵۷۰ نقلاً عن رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى ، بحار الأنوار: ج۹۳ ص۱۲ .

2.مسند ابن حنبل: ج۶ ص۱۴۱ ح۱۷۴۲۰ .

3.تنبيه الخواطر: ج۲ ص۲۲۷ .

4.وإليك نماذج منها : أ ـ بحار الأنوار: ج۲۵ ص۶ ح۹ : «... نحن تأويل هذه الآية: « وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الْأَرْضِ » » . ب ـ الكافي: ج۸ ص۲۰۱ ح۲۴۳ عن محمّد بن مسلم : «لم يجئ تأويل هذه الآية بعد» . ج ـ بحار الأنوار: ج۹۲ ص۹۷ ح۶۴ : «كلّما جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء » .


اسباب اختلاف الحديث
592

الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنـبِطُونَهُ مِنْهُمْ » 1 ، وعجز كلّ أحدٍ من الناس عن معرفة تأويل كتابه غيرهم؛ لأنّهم هم الراسخون في العلم، المأمونون على تأويل التنزيل» 2 .
فكان عليّ عليه السلام يعلّم «الناس تأويلَ القرآن بما لايعلمون؛ أي يخبر الناسَ بما أشكل عليهم من تأويل القرآن 3 » ، وكان «يجاهد من الاُمّة كلّ من خالف القرآن والسنّة المحضة ، ممّن يعمل في الدين بالرأي ، ولا رأي في الدين» 4 . فإنّ التأويل إمّا باستخراج بطونه وحقائقه المستورة من وراء الظاهر، إذا فـ «ظهره تنزيلُه ، وبطنه تأويله ، منه ما قد مضى، ومنه ما لم يكن ، يجري كما يجري الشمس والقمر ، كلّما جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء» 5 ، وإمّا بالأخذ بذمام المتشابه وصرفه إلى بعض ما يحتمله من المعاني ، إذا فالتأويل الصحيح لا يتيسّر بوجه صحيح إلاّ بتعليم من اللّه تعالى ومن الراسخين في العلم ، و «بعطف الهوى على الهدى ، وبعطف الرأي على القرآن» 6 .
كما أنّ سوء التأويل بأن يحاول من كان في قلبه زيغ فـ «يعطفَ الهدى على الهوى، ويعطف القرآن على الرأي» 7 ، ويتركَ «السنّة في تأويلها» 8 ، فـ «يتأوّل القرآنَ ، يَضَعُه على غير مواضعه» 9 ، وذلك «لأنّهم لم يقفوا على معناه، ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلاً من

1.النساء: ۸۳ .

2.بحار الأنوار: ج۶۹ ص۷۹ ح۲۹ نقلاً عن تفسير النعماني .

3.بصائر الدرجات: ص۱۹۵ ح۳ عن أنس ، شواهد التنزيل: ج۱ ص۳۹ ح۲۸ عن أنس وفيه صدره .

4.العبارة مقتضبة من الاحتجاج: ج۱ ص۴۶۳ ح۱۰۷ ، وراجع نهج البلاغة: الخطبة ۱۳۸ و كنز العمّال : ج۱۶ ص۱۹۴ ح۴۴۲۱۶ نقلاً عن وكيع عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن عن أبيه .

5.بصائر الدرجات: ص۱۹۶ ح۷.

6.العبارة مقتبسة من الاحتجاج: ج۱ ص۴۶۳ ح۱۰۷ و نهج البلاغة: الخطبة ۱۳۸ وكنز العمّال: ج۱۶ ص۱۹۴ ح۴۴۲۱۶ بتصرّف يسير يقتضيه سرد الكلام .

7.المصدر السابق .

8.وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۲۰۱ ح۳۳۵۹۳ .

9.المعجم الأوسط : ج۲ ص۲۴۲ ح۱۸۶۵ عن عمر ، منية المريد : ص۳۶۹ وليس فيه «ورجل يرى...» .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230483
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي