وعليه فإذا ورد وعد لقوم أو وعيد لآخرين ، ثمّ فسِّر في الأحاديث بقوم لم يكونوا منهم، ولا ممّن يفعل كفعالهم ، بل إنّما جمعتهم واُولئك النيّة والعقيدة ، فهو من هذا الباب .
وأمّا كونه من رهطهم وعشيرتهم أو نحو ذلك فلا موضوعية له في مغزى هذه القاعدة ، فإنّ الظاهر أنّ ذكره لأجل كونه من محصِّلات تحقّق رضا قوم بفعال آخرين عادة ، واللّه العالم .
4 . مشاركة أئمّة كلٍّ من المكارم والمعاصي في أحكامهما
هناك أحاديث تدلّ بكلّ وضوح على أنّ باطن الأحكام هو الرجال ، وأنّ كلّ ما للفرائض والسنن من المحاسن فظاهرُها ـ المفروض الأخذ به ـ هو العمل بها ، وباطنها الدعوة إلى معرفة أئمّتها الأدلاّء عليها ، الّذين هم أبوابها والدعاة إليها . كما أنّ كلّما حرّمه اللّه وأوجب الاجتناب عنه من الفواحش والمعاصي ، فباطنه أئمّة النار الّذين هم أصل الفواحش والداعين إليها ، وهذا لا يعني عدم لزوم الأخذ بظاهرها والاجتناب عنها والعياذ باللّه .
وعليه فكما فرض اللّه الأخذ بظاهر الأمر والنهي، كذلك فرض معرفةَ أئمّتهما الداعين إلى كلّ منهما بولاية هؤلاء والبراءة من هؤلاء . وإليك بعض الأحاديث الدالّة على ذلك :
۶۴۸.الكليني بإسناده عن محمّد بن منصور، عن العبد الصالح عليه السلام ـ في قول اللّه عز و جل :« قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَ حِشَ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ »۱ : إنّ القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرّم اللّه في القرآن هو الظاهر ، والباطن من ذلك أئمّة الجور ، وجميع ما أحلّ اللّه تعالى في الكتاب هو الظاهر ، والباطن من ذلك أئمّة الحقّ ۲ . ۳