حيث استند الإمام عليه السلام في النهي عن الحلف صادقا وكاذبا إلى قوله تعالى : « وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لاِّيْمَـنِكُمْ » ، والعرضة للأيمان هنا بمعنى ما يجعل في معرض الحلف ، فهذا الحكم مستفاد من صدر الآية بلحاظ انفصاله عن ذيلها . وبملاحظة اتّصال صدرها بذيلها يستفاد أنّها تنهى عن جعل اللّه تعالى في معرض الأيمان ليُحلَف به على ترك البرّ والتقوى والإصلاح بين الناس ، فيكون معنى الآية: ولا تجعلوا الحلف باللّه تعالى مانعا من خصال الخير ، أو نحوه ، واللّه العالم .
تنبيه : لا يخفى أنّ عنوان «وصل المنفصل وفصل المتّصل » يختلف عن «الموصول لفظا المفصول معنىً » ۱ ، الّذي هو من أسباب مشكل القرآن ، لأنّ الثاني متعلّق بتفسير ظهر القرآن وتنزيله ، مع أنّ الأوّل متعلّق ببطنه وتأويله ، أو يعمّهما ، فإنّ فصل المتّصل لاستخراج شيء من المعاني من الآية لاينافي كون الاتّصال أيضا مقصودا من كلام اللّه الحكيم تبارك اسمه ، مع أنّه لم يقصد من الموصول لفظا المفصول معنىً إلاّ لحاظ كون الكلام منفصلاً بحيث لو اُريد به الاتّصال لاستلزم محذورا . نعم صياغة الكلام في اُسلوب مخالف للأصل في كلام البليغ الحكيم لابدَّ وأن يكون لفائدة ونكتة بلاغية تختلف بحسب اختلاف مقامات الكلام .
7 . وضع الألفاظ بإزاء معانٍ اُخروية أو عُلوية
هناك روايات كثيرة دالّة على أنّ اللفظ القرآني قد يستعمل في معانٍ متعلِّقة بالآخرة أو الملكوت . وهذه الاستعمالات وإن أمكن حملها أحيانا على بعض أنحاء التوسّع ، إلاّ أنّه لا يمكن ذلك دوما ، فلابدّ من اعتبارها حقائق ؛ بأن توضع هذه الألفاظ بإزاء تلك المعاني الاُخروية أو الملكوتية بوضع خاصّ كالأعلام، أو بوضع عامّ كأسماء الأجناس مثلاً .
كما نجد ذلك في بعض الألفاظ الواردة في القرآن والسنّة بالإضافة إلى معانيها المذكورة فيهما ، ويكفيك التأمّل في المعاني الواردة في : الكوثر ، والخير ، وطوبى ، والويل ، والويح ،