67
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثالث : التقطيع المخلّ

من أسباب اختلاف الأحاديث تقطيع الحديث من قِبَل الراوي ، كما عدّه غير واحد من العلماء ، فعبّر عنه بعضهم بِـ «التقطيع للروايات» ۱ ، وبعضهم بِـ «حدوث التقطيع في الروايات» ۲ ، لكنّ العنوان المختار أنسب ، لأنّ مطلق التقطيع لا يسبّب الاختلاف .
وقد اختلف العلماء في جواز تقطيع الحديث مطلقا، وعدمه كذلك ، والتفصيل بأنّه إن يكن المقطِّع قد رواه في محلّ آخر، أو رواه غيره تماما ليرجع إلى تمامه من ذلك المحلّ فهو ، وإلاّ فلا يجوز . ۳
واختار الشهيد قدس سره في الدراية القول الأول ـ أي الجواز مطلقا سواء رواه على التمام في محلّ آخر أم لا ـ ثمّ قيّده بشرط ، فقال : «وهو ـ يعني الجواز المطلق ـ أصحّ إن وقع ذلك لمن عرف عدم تعلُّق المتروك منه بالمرويّ بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه فيجوز حينئذ، وإن لم تجز الرواية بالمعنى؛ لأنّ المروي والمتروك حينئذٍ خبران منفصلان» ۴ . وهو حسن متين ، وإليه يرجع ما اختاره وجعله قولاً رابعا في الرعاية . ۵
ثمّ إنّه كما يحتمل أن يكون قلّة ثقافة الراوي وقصور معرفته عن عروض الاختلال ـ لا

1.راجع الرافد في علم الاُصول : ص۲۸ .

2.راجع المحصول في علم الاُصول : ج۴ ص۴۲۹ .

3.راجع مقباس الهداية : ج۳ ص۲۵۷ ، والرعاية : ص۳۱۷ ـ ۳۲۱ .

4.الدراية للشهيد الثاني قدس سره: ص۱۱۴ .

5.الرعاية : ص۳۱۸ .


اسباب اختلاف الحديث
66

المحرم كلّ نوع من الطيب ، والثاني يجوّز له السعوط من أنواع الطيب مطلقا سواء كان لضرورة التداوي أم لا ، فالاختلاف بالعموم والخصوص حاصل .

علاج الاختلاف:

ليس للفقيه أن يتسرّع إلى حمل العامّ على الخاصّ والحكم بجواز الاستعاط للمحرِم؛ تحكيما لدلالة الخاصّ على العامّ ، بحجّة أقوائية الدليل الخاصّ على العامّ . بل عليه الفحص ؛ لعلّه يظفر بما يغيّر النسبة بينهما ، كما هو الحال في المثال المذكور ، فإنّه بعد الظفر بالحديث التالي يعرف أنّ الاختلاف إنّما حصل من ضعف التلخيص في الحديث الثاني ؛ أعني رواية إسماعيل ، وإليك أصله المروي عن نفس هذا الراوي :

۳۷.روى الشيخ قدس سره بإسناده عن صفوان بن يحيى، عن إسماعيل بن جابر ـ وكانت عرضت له ريح في وجهه من علّة أصابته وهو محرِم ـ قال :فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّ الطبيب الّذي يعالجني وصف لي سَعوطا فيه مسك ؟ فقال : استعِط به . ۱

حيث تلاحظ أنّ رواية جابر كانت مقرونة بقرينة حالية لم تذكر في التلخيص . ولذا حمل الشيخ قدس سرهالحديث الثاني على حال الضرورة دون الاختيار . ۲

1.تهذيب الأحكام : ج۵ ص۲۹۸ ح۱۰۱۲ ، الاستبصار : ج۲ ص۱۷۹ ح۵۹۵ ، كتاب من لايحضره الفقيه : ج۲ ص۲۲۴ ح۱۰۵۴ نحوه .

2.تهذيب الأحكام : ج۵ ص۲۹۸ ح۱۰۱۱ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 253911
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي