العظيم من حكاية مثل هذه الإسرائيليات .
والحديث الثاني في جانب النقيض منه ، فيدلّ على ما يوافق الكتاب العزيز، وحكم العقل الحصيف، والسنّة المقطوع بها من أحاديث العترة الطاهرة عليهم السلام ۱ التي تنزّه الأنبياء عليهم السلام عن كلّ وصمة قبيحة، ومعصية صغيرة، فضلاً عن الكبيرة ؛ فلا يمكن الترديد في أنّ من أشهر مباني مدرسة أهل البيت عليهم السلام تنزيه الأنبياء ، فاختلاف الحديثين واضح .
علاج الاختلاف :
قال العلاّمة الطباطبائي قدس سره ـ بعد نقل رواية عن الدرّ المنثور مشابهة للرواية الاُولى ـ : «القصّة مأخوذة من التوراة، غير أنّ الّتي فيها أشنع وأفظع، فعدّلت بعض التعديل» ۲ .
وقال أمين الإسلام الطبرسي قدس سره : «إنّ ذلك ممّا لا شبهة في فساده؛ فإنّ ذلك ممّا يقدح في العدالة، فكيف يجوز أن يكون أنبياء اللّه الّذين هم امناؤه على وحيه، وسفراؤه بينه وبين خلقه، بصفة من لا تقبل شهادته، وعلى حالة تنفر عن الاستماع إليه والقبول منه ، جلّ أنبياء اللّه عن ذلك» ۳ .
وأجاب عنه السيّد المرتضى بتفصيل ، فمن أراد فليراجع! وقال في طليعة جوابه: «أمّا
1.منها ما رواه الصدوق، بإسناده عن صالح بن عقبة، عن علقمة، قال : قال الصادق عليه السلام : يا علقمة ، إنّ رضى الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، وكيف تسلَمون ممّا لم يسلم منه أنبياءُ اللّه ورسلُه وحججُ اللّه ؟! ألم ينسبوا يوسف إلى أنّه همَّ بالزناء ؟! ألم ينسبوا أيّوب إلى أنّه ابتلي بذنوبه ؟! ألم ينسبوا داوود إلى أنّه تبع الطير حتّى نظر إلى امرأة اوريا فهوِيها ، وأنّه قدّم زوجها أمام التابوت حتّى قتل ثمَّ تزوّج بها ؟! ألم ينسبوا موسى عليه السلام إلى أنّه عنّين، وآذوه حتّى برّأه اللّه ممّا قالوا وكان عند اللّه وجيها ... ؟ ألم ينسبوا مريم بنت عمران إلى أنّها حملت بعيسى من رجل نجّار اسمه يوسف ؟ ! ألم ينسبوا نبيَّنا محمّد صلى الله عليه و آله إلى أنَّه شاعر مجنون ؟! ألم ينسبوه إلى أنّه هوي امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ؟ ! ... فاستعينوا باللّه واصبروا، إنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين ؛ (الأمالي للصدوق : ص۱۶۴ ح۱۶۳ ، قصص الأنبياء للراوندي : ص۲۰۳ ح۲۶۵ ، بحار الأنوار : ج۷۰ ص۲ ح۴ ) ، ومنها: ما روي عن الإمام عليّ : لا اُوتى برجل يزعم أنّ داوود عليه السلام تزوّج امرأة اُوريا إلاّ جلدته حدّين ؛ حدّا للنبوّة، وحدّا للإسلام» . (مجمع البيان : ج۸ ص۷۳۶) .
2.الميزان في تفسير القرآن : ج۱۷ ص۱۹۸ .
3.مجمع البيان : ج۸ ص۷۳۶ .